التناقضات تحاصرنا من كل حدب وصوب

الوحدة 17-12-2022

ثمة تفاصيل تفقدكَ التركيز في معظم الأحيان.. كل قوانين الرياضيات والفيزياء والطبيعة، وقوانين السوق، وغير ذلك مما راكمته التجربة لأحدنا، كل ذلك يسقط أمام قراءة بسيطة وسطحية لسوق السيارات مثلاً..
كل ما يتعلق بالسيارات إلى ارتفاع جنوني، وإلى ندرة، من بنزين ومازوت، وقطع تبديل، وزيت محرك، وأجرة مصلحين، وإطارات.. إلخ، ومع هذا فإن أسعار السيارات المستعملة، حتى تلك التي استهلكت عمرها أو تنكّر لها الواقع، إلى جنون لم يسبق له مثيل!
ربما القانون الوحيد الذي يدعم هذا الجنون هو قلّة الجديد من السيارات، وبالتالي قلّة المعروض، ولكن هذا لا يشفع أن يصل سعر السيارات إلى هذا السقف الخيالي..
جزئية أخرى تدعم هذا الجنون، وتتمثل بتردّي حال النقل الجماعي، وبالتالي فإن الإصرار على اقتناء سيارة هو محاولة لحفظ الكرامة المهدورة على المفارق، وعلى المواقف، وفي جيئتك وذهابك إلى عملك أو دراستك.. إلخ.
لن نعود إلى تصريحات رسمية قالت قبل وقت إن المواطن ليس مضطراً لاقتناء سيارة، وعليه أن يستخدم وسائط النقل الجماعية.. الآن اقتنعنا بكلامكم أيها السادة، ولكن هاتوا لنا هذه الوسائط بالحدّ الأدنى من الجودة المطلوبة، وسنركن سياراتنا، ولن نأبه إن تأخّرت رسالة البنزين 20 يوماً أو شهراً، ونشهد الله علينا أننا لن (ننقّ) ولن نتذمّر..
على كل مفرق هناك إحدى حكايات (البؤساء)، التي لا يزيدها توالي الأيام إلا حدة وقسوةً، وكأن باصاً للنقل الداخلي يمرّ على أكثر من 30 مفرقاً هو الحلّ الكامل، وإن حُشر به أكثر من 100 راكب!
علينا أن نتشارك في رسم الحلول، هذا صحيح، إذاً، وفي حالة توفّر ذلك، وعدم تأثيره على الإنتاج (إن كان هناك إنتاج)، ومن دون تعقيدات، لماذا لا يتمّ نقل ابن طرطوس إلى طرطوس مثلاً، وابن حمص إلى حمص، وهكذا، وما الفائدة، أو ما هي الغاية في فرز مهندسين خارج محافظاتهم، وهم لتوّهم عائدون من خدمة العلم، وهل كُتب عليهم أن يقضوا كلّ شبابهم دون أن يكتفوا ذاتياً، ولن نزيد ونصل إلى أهمية أن يبنوا مستقبلهم؟
كيف يمكن لهذا الشاب المفرز حديثاً براتب أقل من 120 ألف ليرة سورية إما أن يستأجر غرفة في المحافظة المفرز إليها، أو أن يذهب ويعود كل يوم إلى محافظته بهذا الراتب..
معلوماتنا أن هناك دراسة لإعادة المهندسين المفرزين خارج محافظاتهم، وقد مضت عدة أشهر على هذه الدراسة حسب معلوماتنا، ولا نعتقد أنها بحاجة إلى كل هذا الوقت، فهل سترى النور، أم أنّ ما سمعناه ليس دقيقاً، وسيبقى الوضع على ما هو عليه؟
هذه جزئية فقط، ومثلها الكثير، في كل مكان، وهذه الحلول ليست بحاجة إلى كهرباء أو بنزين، ولكن بحاجة لقرار قريب من الواقع فقط!

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار