الأديبة والمترجمة ثراء الرومي.. لبداياتي نكهة فرح وحنين، وصحيفة الوحدة منبري الإبداعي الأول

الوحدة: 7- 6- 2022

 

 

عندما يجتمع الإبداع الثقافي مع العطاء الاجتماعي تتبلور في الذات الإنسانية مقامات راقية تنضح حباً وشغفاً بما تقوم به هذه الذات من أعمال وبما تقدمه من نتاجات تعتلي قمم النجاح والتميز. وهذا ما نجده عند ضيفة هذا اللقاء، ثراء الرومي، فهي مترجمة وأديبة تهتم بقضايا تخدم الثقافة الاجتماعية والوطنية وتغنيها بخبرتها وتجربتها وتنهض ببنيتها الفكرية والفنية، وهذا ما اختزلته في قولها : ” إن من يمتلك ثقافة قادرة على البحث عن مكامن الجمال وتقديمها بأسلوبه الإبداعي ليكون ما يقدمه أدباً حقيقياً يكون الأقدر على وضع بصمته للأجيال القادمة، فمهمة المبدع غالباً تكون غاية في الأهمية لأنه مسؤول عن غرس بذور الإبداع في الأجيال الجديدة التي تنأى بها التكنولوجيا عن الثقافة إلى حد كبير”…

حول بداياتها وتجاربها الإبداعية في الترجمة والشعر وكتاباتها للأطفال، وكذلك حول تجربتها المسرحية ورسالتها الاجتماعية من خلال نصها المسرحي (عالوعد)، كان لجريدة الوحدة معها اللقاء الآتي:

– ما بين كتابة الأدب والترجمة مسيرة حافلة بالعطاء.. ماذا عن البدايات؟

لبداياتي نكهة فرح وحنين، فقد كنت الطفلة التي لا تدخر فرصة للكتابة عن مشهد تراه أو موقف تعيشه منذ عمر التاسعة، وقبل اعتلائي منابر المدرسة التي كنت أمثّلها في كل المناسبات بإلقاء قصيدة من بنات أفكاري كان لي منبر اجتماعي جميل أقف عبره أمام معارف يرتادون منزلنا ممن لديهم اهتمام بهذا الشأن وألقي عليهم ما أكتبه بتشجيع كبير من أهلي، وكانت باكورة كتاباتي وثمرة هذا الدعم الكبير رواية كتبتها بعمر الرابعة عشرة بعنوان “وتفتحت براعم الأمل” وهي ممهورة بموافقة اتحاد الكتّاب العرب لكنها للأسف لم تبصر النور ولا زال حلمي بنشرها يداعب أعماقي، قد أنشرها يوماً كرواية لليافعين انطلاقاً من كون الشخص الأقدرعلى مخاطبتهم هو تلك اليافعة التي كنتها في ذلك الحين.

يطول بي الحديث عن البدايات لكن المحطة الأهم والانطلاقة الأولى في حياتي الأدبية كانت صحيفة الوحدة التي كنت أنشر فيها مقالات دورية من مشاهدات ومواقف حياتية عبر زاويتَي “صباح الخير” و” المرأة “، أما بخصوص الترجمة فجذورها تتجسد في شغفي الكبير باللغة الانكليزية منذ ذلك الحين، إذ كنت أعمد لكتابة مذكراتي بالانكليزية من وقت لآخر غير مدركة أن قطار أحلامي سيمضي بي إلى هذه المحطة التي أعشقها والتي جعلتني ما أنا عليه الآن.

 

– لقصص الأطفال حيز هام في نتاجك. ماذا عن هذه التجربة وما الذي تتطلبه من الكاتب لتنتج نصاً ومضموناً وأسلوباً يحترم الطفل وعالمه الرحب؟

الغوص في عالم الطفولة أشبه بالغوص في الماء، فكلاهما قد يوديان إلى الغرق إن لم نمتلك الأدوات، وقرار دخول هذا العالم يتطلب جرأة كبيرة وذخيرة معرفية تراكمية عبر قراءة مستفيضة لروائع ما كُتِب – عربياً وعالمياً – للأطفال، وبرأيي المعيار الأهم هو احترام ذكاء الطفل ومخاطبة مخيلته الواسعة بعيداً عن الوعظ والخطاب المباشر مع الحرص على أن يكون النص حاملاً لرسالة لن تصل إلى الطفل ما لم يغترف الكاتب أو الشاعر مفرداتها من الطفل الذي في داخله.

– يتداخل العمل الاجتماعي مع الثقافي في حياتك، وهذا ما رأيناه في نصك المسرحي “عالوعد”، ما الرسالة التي أردت إيصالها من خلال هذا العرض المسرحي؟

لهذا العمل المسرحي خصوصية كبيرة، فقد استلهمته من حياة نزيلات السجن حيث أمارس عملي في متابعة الشأن الثقافي، فالمسرحية تتناول الحياة في هذا المجتمع القائم بحد ذاته كمكان للتأهيل في أكثر من جانب تعليمي ومهني وإنتاجي.

والرسالة التي يحملها العمل هي أن الإبداع لا تحده جدران أو قضبان، والعلم يسمو بالمرء حيثما كان ويفتح له بوابات القادم المجهول، إنها دعوة للتصالح مع الذات ومواصلة الحياة من حيث توقف الزمن للنهوض مجدداً عبر ترجمة وعودٍ يعدن أنفسهن بها وتعدهن بها الأيام.

 

– ما الصعوبات التي واجهت هذه التجربة المسرحية الرائدة في توجهها وغاياتها المجتمعية وكيف تقيمين نتائجها؟

واقع الحياة في هذا المكان فرض علينا تأجيل البروفات أحياناً بسبب وجود زيارات لدى بعض النزيلات، كما اضطرت أخريات للانسحاب من المشاركة لاحتمال إخلاء سبيلهن، والتحدي الأبرز الأقسى كان في اضطرار شخصيتين محوريتين للانسحاب في الساعات الأخيرة بسبب ظرف قضائي خارج عن إرادتهن، ومع كل هذا استطعنا الوصول إلى العرض النهائي بنجاح عبر جهود مكثفة من الجميع وعلى رأسهن من اضطلعت منهن بالإخراج ومن لعبن دوراً بديلاً.

كانت تجربة مميزة وفريدة أظهرت القدرات الكامنة لدى النزيلات وخلقت لديهن مناخاً من الترقب والفرح ينأى بهن عن عزلتهن عبر وجود هدف تشاركن في السعي إليه لإثبات الذات.

 

– ما هو جديد أعمالك الأدبية؟

لدي رواية قصيرة “نوفيلا” قيد النشر بعنوان: خلف الأبواب، تتناول حياة فتاة غارقة في عالم تخيلاتها إلى حد غريب يعرضها للحرج كثيراً ليكتشف القارئ أنها في حالة هروب من واقع مؤلم مرتبط بأمّها. وأسعى حالياً لاستكمال كتابة مجموعة شعرية للأطفال وأخرى قصصية جنباً إلى جنب مع الكتاب الثالث الذي أعكف على ترجمته.

– كلمة أخيرة:

الشكر الكبير لصحيفة الوحدة – منبري الإبداعي الأول – لمبادرتها الرائدة في تسليط الضوء على كل جديد، وثمة رسالة أتوجه بها إلى كل امرأة مبدعة: لا تتيحي لعجلة الحياة اليومية أن تطحن طموحاتك مهما كانت الانشغالات والعثرات، فالزمن يعدو غير آبه بي وبكِ، وعليك أن تختلسي منه ما أمكن لك من اللحظات لتكون رصيداً لك أنتِ ولإبداعك، فلنفسك عليك حق.

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار