ضوءٌ على (المشخصاتي) جورج بولس الحاج  1924 – 1998 : (عميد المسرح الساحلي)، و(يوسف وهبي سورية)

الوحدة 19-11-2024

منذ أقدم العصور اشتهرت العروس البحرية اللاذقية بقدرات مبدعيها من علماء، ومفكرين، وباحثين، وأدباء، وموسيقيين، وكان أول رائد مسرحي عمل في أنديتها وعلى منصات مسارحها الممثل والكاتب والمخرج، الرائد والمؤسس الفنان جورج بولص الحاج (أبو جوزيف)، المولود حسب دفتر العائلة عام 1924 في قرية المزيرعة (قضاء اللاذقية)، والذي انتقل مع والده بولس الياس الحاج إلى مدينة اللاذقية، فسكنوا (خان كروم)، بهدف الدراسة والتعلم، ومن هناك كانت البداية بجمع سكان الخان والجوار لتقديم المشاهد المسرحية.

وهو المعروف بالنسبة للأقدمين أنه كتب وأخرج وأحتلّ دورَ البطولة في كثير من المسرحيات، منذ أربعينيات القرن الماضي، وكان أبرزها في ستينيات القرن، وهو مَن عمل مع فرقته على نشر المسرح بالأرياف مقابل بيضة أو بصلة.

وهو أيضاً مَن أحضر الخشب على نفقته ليصنع منصة المسرح الساحلي. وهو مَن أحضر الرمل والبحص والإسمنت وجبلهم ليصنع منصة المسرح (مسرح المكتبة الوطنية) على نفقته الخاصة.

تعود بدايات الرائد المسرحي جورج بولس الحاج إلى نهايات ثلاثينيات القرن الماضي على مسرح شناتا (مقهى شناتا الشهير)، على كورنيش البحر الغربي، وقد شهد فرقة فاطمة رشدي، وفرقة أمين عطا الله الاستعراضية، والتقى الفنان نجيب الريحاني، الذي دعاه للعمل معه. كما شهد حضور محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، وفرقة عبد الله وزكي عكاشة، التي قدّمت أوبرا كليوباترا، كما دعاه يوسف بك وهبي للعمل بفرقته، وكان دائماً محافظاً على اسمه كاتباً ومخرجاً وممثلاً فريداً، كما شهد له كبار الفنانين أمثال (عبد اللطيف فتحي، عدنان بركات، يعقوب أبو غزالة…)

وقد شارك بفرقتِه في المسرح الجوال الخاص به نجومُ مسرح دمشق (صلاح قصاص، سعد الدين بقدونس، نزار فؤاد، ميليا فؤاد، محمد خير تقي، محمد خير حلواني)، واشتهر جورج بولس الحاج بلقب عميد مسرح اللاذقية وبلقب يوسف وهبة سورية. وبعد انقطاع قصير بسبب حالته الصحية، عاد لمسرحه الجوال فقدّم عدداً من العروض في الأرياف، وصافيتا، وطرطوس، وبانياس، إلى أن أنهكه الشقاء والتعب فجلس في سنواته الأخيرة في بيته يقرأ الروايات والكتب، ويرويها لأبنائه وأحفاده، ولكلّ من يزوره، فهو صاحب مقولة (انقل معارفك للناس تطول حياتك)، وإلى أن غاب جسداً في 29 / 1 / 1998 تاركاً إرثاً كبيراً من العناوين المسرحية في مخطوطات، أنجز الكثيرَ منها في حياته.

* من مسرحياته (تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً): فلسطين عربية، بيت الباشا، المعصرة، حان وقت الاستسلام، أبو زيد الهلالي (المهلهل)، مصطبة أبو ندرة، سوق العنابة، عنتر زمانه، الحكيم والتنابل، خان كروم، مواسم السفر، البازار، فدائيون، أشواك دامية، الصياد، زوار الخان، مذبحة الأرمن، راجعين، مات.. عاش، جلالة الملك، عشاق الشام، مراكب الحب، زمبيلة تمر، ورود بجنينة، أخوتي في القدس، شرفة، جايين.. رايحين، جنين، فاض النور، بلاد العز، طربوش أبي، سفر عسكر، واعرباه، سهرة عالنبعة، صافيتا الغياب، موت مبكر، ليلة سمر وحب، أولاد وأحفاد، الثمن.

والفنان والممثل المسرحي الحاج هو والد الشهيد البطل جوزيف الحاج. هو أيضاً والد الفنان بسام الذي عمل بالمسح مع ابن عمه الياس الحاج في عدد من المسرحيات مع المخرج محمد أبو ديب لصالح فرقة المركز الثقافي، ومع المخرج نبيل رستم لصالح فرقة العمل الثقافي في أكثر من عرض مسرحي، ومع المخرج محمود القيم لصالح فرقة العمال.. لكن لم يستمر الفنان بسام وهاجر إلى الخارج، فيما استمر وتفوق الفنان والكاتب والمخرج الياس الحاج في مسيرة إعلامية وفنية حافلة بالعطاء.

* وقد كتب ابن شقيقه (الياس الحاج) سيرة حياة عمه جورح من خلال شخصية (المشخصاتي) التي جسدها الفنان القدير جرجس جبارة في سيناريو مسلسل (البحر أيوب) تأليف وسيناريو وحوار الياس الحاج، ومن إخراج محمد عزيزة. يقول ابن شقيقه الإعلامي والكاتب والمخرج الياس الحاج: كان لحضور  عمي جورج دور الساحر لمخيلتي، فغالباً كان يؤدي لي وأنا طفل حوارات مختارة من مسرحيات قدّمها من تأليفه وإخراجه، ويروي لي عن أبي خليل القباني وجورج أبيض، ومارون النقاش، وإسماعيل ياسين، ويوسف بك وهبة، وعن علاقته الطيبة بصلاح قصاص، ورفيق سبيعي، ونزار فؤاد، وإبراهيم كردية، وبعض نجوم دمشق،  فأشعر بشغف لنبش أوراقه، وقراءة نصوصه وكتب مكتبته الضخمة، والتفرُّج على صور الممثلين والممثلات، وفي بعض الأحيان يصحبني معه إلى مقر الفنون التشكيلية حيث عمله، أو أزوره هناك، فأراقب عملَ الرسامين والنحاتين، أو يدعوني لأذهب للسباحة في مسبح نقابة المعلمين حيث كان مشرفاً هناك في أيام الصيف.. وفي كل الحالات كنت أشعر بحاجتي لمزيد من التعرّف على ما يمتلك من مواهب وقدرات إبداعية.

جورج إبراهيم شويط

تصفح المزيد..
آخر الأخبار