الوحدة 19-9-2021
اضرب بطرفك حيث شئت من البلاد، فلن ترى إلا مواطناً حتت عظامه سنوات الحرب، ودمرت أيامه شياطين المعمورة، فحولته إلى جسد بلا روح، ينتظر قضاء الله وقدره.
شاب ضاع شبابه على الثغور، وعاد بعد سني الحرب، فلم يجد فسحة أمل كتلك التي جعلت منه مارداً أمام جحافل الأعداء، وجعلته ينتصر على أعتى مصاصي الدماء في معارك لم تكن متكافئة.
هذا الشهيد الحي يتساءل بغضب الشجعان، كيف نجح الجنود في تأمين البلاد، وفشل رجالات المكاتب في تقديم الحد الأدنى من مستلزمات النفس البشرية؟.
أشهر مضت على الانتظار، ومازال يطيب خاطر نفسه، ويحاول استقبال فجره الآتي بجرعة تفاؤل مصطنعة، ولكن السبل انقطعت به، ورفض أن تكون أقصى أحلامه ساعة كهرباء (بلا قواطع ترددية)، أو أسطوانة غاز سُرق منها ربعها، أو مقعد وثير في وسيلة نقل عامة.
اعذروه إن أصيب بخيبة أمل، فما ضحى به، ضيعه مسؤول لا يفقه شيئاً، وبدده فكرٌ لم يخرج إلى سماء الواقع… وكل أمة تهدم ما بنت غيرها.
أجمل ما فيه معرفته، فهو يدرك حجم ما عُمل لأجل تدميرنا، ولكنه متأكد أن ما فعله بنا العدو، لا يعادل معشار ما فعله القائمون على معيشتنا.
لقد قرر الرحيل إلى أي بقعة تتاح له، ولكن نفسه مازالت تأبى أن يعمل نادلاً عند أناس كان نداً لهم قبل أشهر في جبهات كثيرة على أرض البلاد.
سنحاول إقناعه بأن القادم أجمل، وسنجهد أنفسنا لمنعه من سماع تصريحات المسؤولين الهادمة لأي بارقة أمل.. والله ولي التوفيق.
غيث حسن