من وحي أيلول

الوحدة 10-9-2021

أيعقل أن أكون حزيناً لأن الأشجار تفقد أخضرها الزاهي بهذا الفصل، أم أن آلام روحي تفيض وتجرف سيولها كل الفرح معها دفعة واحدة، فأحس إحساس الأشجار في الخريف وأرتدي أحزانها.

بلغ المرار الحلقوم… ربما لأني عانيت ولم أزل قسوة التهجير، فليس هيناً على المرء ان تجتثه الحوادث من جذور عمرها نصف قرن ليصبح يرجف مثل أوراق الشجر.

لا يريد هذا الإحساس الذي يكاد يودي بما تبقى لي من رمق بهذه الدنيا أن يبارحني رغم محاولاتي المضنية، فلا العمل معظم ساعات الليل والنهار ينسيني ولا الآمال والوعود تصبر مهجتي إذ لا تزال تلك المدينة القصية الأسيرة في شرق البلاد تسكنني ولايزال فوح براريها يعبق بروحي والبعد عن عذب فراتها يقتلني وقليل من مائه يحييني.

لم أبدل لون عيوني، ولم ولن أتزحزح قيد أنملة عن عشقي لوطني، رغم ثباتي لا تزال لعنة التهجير تطل برأسها بين الفينة والأخرى لتنغص مجرى ارتياح روحي.

بين مد وجزر وأمل وآهات وتلقى مدى غدر لم أتخيل أن تأتي ممن لم أقدم لهم سوى كل خير يمضي قطار العمر… ولازلت أوقد شموع الأمل لفرح مشتهى لقلب متعب نالت منه كالحات الأيام كثيرا نعم بلادي فيها طيبين وثراها طيب وربما أمطار أيلول المنتظرة تحمل لي ولكم ريح طيبة وبشائر بغد أجمل وعودة لبيوتنا المهجورة وملاعب أيامنا الخوالي.

محمود القاسم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار