طرطوس.. الأحمر الوردي

الوحدة: 10-6-2021

 

تسطع شمس الغروب, وهي ترحل فوق بحر طرطوس الأزرق..

قد يتعثر الناظر إليها من شدة الضياء..

يخترق النور بؤبؤ العين المحبة بشغف.. تخجل العين..

 فتغمض الجفن…  ولا ترحل.

إذا أردت أن ترى المشهد.. ضع نظارتك الشمسية..

عندها يخبو اللون الأحمر الوردي..

هي الحياة هنا..

في طرطوس..

لن ترى كل ما تحب..

لن تلمس بيديك نعم الكون, وهي حولك..

لذلك قد تمد يدك لتقطف نجمة!

ثم تضحك, وأنت تردد في داخلك:

شجر السرو المعمر يصل إلى الغيم, لكنه لا يصل إلى النجوم..

بالحب قد تلمس السماء, وتقطف نجمة..

تضيء قلبك المعتم بالمحبة.

في طرطوس.. كل المشاهد تحتاج لكاميرا..

عدسة نقية تنقل بصدق, وإتقان..

كمشاهد دون قلب..

قد ترى الضجيج, والصخب قبل أن تسمعه..

يصلك بالعين المجردة..

سيارات لا تعرف نظام السير, أو الذوق البشري..

أدب الحياة..

فالكل مسرع, والطريق مزدحمة..

الغلبة هنا للشجاع..

لا.. الغلبة للغبي!

للاعب قمار قد يربح أو يخسر.. لا يهم.

في لعبة القمار واحد يربح, وفي اليانصيب جائزة كبرى, وبقايا..

في شوارع المدينة, وبجانب البحر..

وبعيداً عن غروب الشمس والشاعرية المثلى..

كل السائقين يملكون ورقة نصيب, ولكل نصيب..

الرابح من لا يملك قلباً, ولا عقلاً..

كسائق دراجة نارية فوق كورنيش البحر بين المتزاحمين يريدون تنفساً خارج قضبان الحياة.

سائق يجتاز المخاطر بسهولة حتى أنك تظنه لاعب سيرك.. وهو الحامل للبطاقة الخضراء أمام شرطي مرور عاجز!

على شاطئ البحر.. كل الزوار شعراء ريثما يصل صوت سيارة الإسعاف تعبر الرصيف المزدحم في محاولة اجتياز غير شرعية, تلبية لحادث غير شرعي!

على رصيف الشاطئ..

ازدحام شديد رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية!

 وشباب يجتمعون, ويشربون المتة, والدخان بنهم, ويضحكون بنغم..

والصبايا أيضاً.. تسمع تغريدهن, وهن يمسكن مزامير الأراكيل بمحبة عاشق..

بينما يتعلم الأطفال المحظوظون قيادة الدراجات بين المتنزهين, وعند أرجل المارة الذين يريدون تمرير الوقت بمضض.

اليوم.. الوقت لم يعد من ذهب..

الوقت طويل, وممل, ومعتم, وريثما يعود التيار الكهربائي تعود الحياة لساعة أو أكثر.. ويبدأ الصخب:

غسالات تعمل, ومسجلات صوت, وأغان تافهة تستهزئ بعصر عقيم..

التلفاز موضة قديمة…

فبرامج التقنين تلغي كل متعة في متابعة مسلسل, أو برنامج..

الحل الأمثل: اجتماع الأحبة على رصيف.. في حديقة, وكأس متة, وفصفصة البذور.. واليوم فصفصة الحمَص الأخضر, والاستمتاع برمي القشور, وأغصانها الغضة تتحول إلى اليباس تحت الشمس الحارقة ريثما تفنى..

وكما أعقاب السجائر.. تذروها الرياح..

في الصباح يحاول عامل التنظيف المتعب لمَ ما يقدر عليه, ويمضي..

بينما تمر سيارة صاخبة تملأ الشارع روائح الموت, وتحمل ما تقدر عليه, وتمضي أيضا مسرعة, وبخجل!!

هنا.. لا يحيى المرء.. بل يعيش بانتظار القادم, وبقبول عجيب!

فكل شيء ممكن.. ولا شيء ممكن!

نتيجة واحدة..

كلنا أموات.. لم العجلة؟ ولم التعب؟

هو إحباط يلف المدينة, وناسها الشجعان الذين فقدوا روحاً عزيزة أو بعضاً من روح..  قدماً, أو عيناً, أو … 

بعد حرب أكلت القلوب النقية, والأرواح الحية..

تعيش مدينتي ككهربائها.. كماء بحرها المالح..

كرائحته حين تنقلها الرياح الغربية..

تعيش ببطء.. لكنها ما تزال تعيش!

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار