الوحدة 27-7-2024
كنت أنوي ألا أكتب إليك بعد لقائنا الأخير، فاحتفاؤك الزائف بعودتي لم يكن يليق بكل ماخزنته في شراييني من أشواق، وفي أوردتي من آمال.
كنت منطفئاً كتلك الوردة في مكتبك، ذَبلَتْ أمامك من دون أن يخطر في بالك أنها تحتاج إلى بعض الماء أو الضياء…
كنت أنوي أن أسكب ماء النار على صور في ذاكرتي رسمتها بماء الذهب لك وللأماكن التي ارتبطت بك، لكن هذه البلد التي تدفعني للجنون بها ومنها تذكرني دائماً بعلاقتي معك…
كنت أنوي أن أكتب بالتفصيل الممل عن الفوضى وسوء التنظيم اللذين سادا مسابقات رواد الطلائع التي أجريت مؤخراً في طرطوس، ومانتج عن ذلك من أذى نفسي طال أبناءنا، لكن انتمائي للأسرة التربوية منعني من ذلك، كما فعل احترامي للجهود الكبيرة التي بذلت من قبل الأعزاء في قيادة فرع الطلائع في اللاذقية لتلافي أخطاء فاقت حدود صلاحياتهم.
كما كنت أود الحديث مجدداً عن تشابه مؤتمراتنا النقابية والاتحادية، وتكرار الطروحات والمطالب….. وعدم قدرة حتى الأدباء والصحفيين على إجراء حوار حضاري من دون مشاحنات وخصومات.. لكني عزفت عن الأمر بعدما شعرت بعدم جدوى ذلك كله.
فقلت في نفسي سأتحدث عن الملتقيات والأندية الأدبية ذات الوجهين المتناقضين، الأول إيجابي، إذا نظرنا إليه من زاوية إدراك المجتمع لأهمية الكلمة ودورها في الحياة.
أما الوجه الثاني السلبي فهو الأعم والأشد تأثيراً، لأن هذه الملتقيات والمنتديات تقام من دون ضابط حقيقي، أو إشراف من جهة مختصة كاتحاد الكتاب أو وزارة الثقافة، تتابع وتقيم وتحدد شروطاً ومقاييس لمن يعتلون المنابر ويصيرون سادتها في ليلة وضحاها، بعدما أصبح كل من ينشر سطرين على صفحته الشخصية نابغة عصره، وكل من يسوق جملتين متتاليتين بقافية واحدة خطيباً وبليغاً، لذا يجب احتواء الأمر من قبل جهة مسؤولة وتنظيمه بشكل أفضل لتشكل المنتديات رافداً حقيقياً للثقافة لا استنزافاً لها، لكني شعرت أن الخوض في هذا الموضوع سيكسبني نقمة بعض الأصدقاء الذين ينتمون إلى بعض الملتقيات التي تستنزف ولاترفد، لذا قررت الكتابة إليك مجدداً، فحماقتك هي أخف الأضرار التي قد تصيبني من شغفي بالكتابة.
عزيزي… أنت محكوم بضيائي مهما ظننت أنك لاتفعل، فلِمَ لايكون ظلك كظل وردة.. يترك أثراً جميلاً ويوحي بعطره.
نور نديم عمران