الوحدة 18-4-2021
الصروح الحضارية التي تفخر بها بلادنا والمعامل المتنوعة العديدة التي تغطي مساحة الوطن قامت بجهود شركات القطاع العام وبسواعد عمالها الشرفاء، والتي تكثر الشائعات هذه الأيام حول دمجها وتحجيم عملها وتقليص دورها الإنتاجي والاجتماعي، وهو اجتهاد يفتقد إلى مقومات النجاح في هذه الظروف الصعبة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وخطوة أثبتت الأيام والنتائج عدم جدواها، وقد تمّ تجربتها في سورية في الماضي القريب ولم تأت أكلها ولم يتم قطاف الثمار المرجوة الواعدة.
نحن في سورية نولي أهمية كبيرة على إصلاح القطاع العام الضخم بقدراته المادية وإمكاناته البشرية الهائلة ومكافحة الترهل في الإدارة والأداء لقطع الطريق على الفساد والفاسدين وليس إلى زيادة التعقيد والتشابك الإداري وزيادة الروتين وهدر الوقت وتعدد المرجعيات وتشعبها وضياع الحقائق، حيث تكثر التجاوزات حتى تضيع الطاسة عن مرأى الجميع وتأثير الإنتاج كماً ونوعاً وعدم استقرار العامل نفسياً ومهنياً والخوف من المستقبل، وخير مثال على ذلك المؤسسات والشركات والمعامل التي تتبع لوزارة التموين والتجارة الداخلية وحماية المستهلك التي كانت تنتج وتسوق الكثير من السلع الغذائية والاستهلاكية والخدمية التي تلبي الحاجات اليومية للمواطن تمّ إدماجها في شركة واحدة هي السورية للتجارة التي ينحصر دورها في تنظيم وتوزيع المواد الغذائية المقننة (سكر- أرز- شاي- زيت) وتوزيع الخبز والمازوت والبنزين والغاز المنزلي وسائر المواد الاستهلاكية في صالاتها.
نحن في سورية أحوج ما نكون لاستثمار الوقت وعدم المراوحة في المكان والتراجع للوراء.. علينا معالجة معوقات الإنتاج باختيار الإدارات الكفوءة للمؤسسات العامة القادرة على إدارة العمل والإنتاج وإطلاق يد الكوادر الفنية والخبرات المهنية لإصلاح الأعطال ومنحهم الفرص على المنافسة والإبداع للنهوض بالواقع الصناعي وتنويع إنتاجه الصناعي والغذائي والخدمي ودعم القطاع الزراعي الذي يعتبر رافعة الاقتصاد السوري وصاحب القدرة على تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة ومعالجة معوقات الاستثمار وخاصة الروتين وبطء الإجراءات وتعدد الجهات المرجية والوصائية، وجذب المستثمرين وتسهيل حركتهم ومعاملاتهم ومنحهم الامتيازات والإعفاءات والاستثناءات المشروطة بخطط تنفيذ محددة حسب المهل والزمن لإقامة المشروعات الأكثر احتياجاً للمواطن والوطن والبحث عن مشاريع استثمارية ذات ربحية حقيقية.
من يخسر الوقت يخسر الجهد والمال والآمال المعقودة على المستقبل، والمواطن صار يشكو من كل شيء أمامه وحوله وفوقه وتحته.. نتمنى اتخاذ إجراءات عصرية ومن واقع الحال تجاري تطور الأمم والزمن والحياة للانتقال إلى قطاع عام وواقع إداري وصناعي وخدمي ومجتمعي أفضل، وأن ينحصر همنا على زيادة وتوسيع نقاط القوة الاقتصادية بدفع عجلة الإنتاج والبناء والتنمية إلى الأمام وتأمين المزيد من فرص العمل وامتصاص البطالة المتنامية من مختلف الشرائح الاجتماعية والمهن الحرفية والشهادات الفنية والعلمية، وليس إغلاق أبواب العمل في وجوهههم وسد منافذ الأمل لديهم، والانتقال إلى اقتصاد المعرفة المتطور المبني على العلم والتجربة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
نعمان إبراهيم حميشة