الوحدة 6-4-2021
مقفرة طرق الشتاء.. خالية الزواريب والحارات العتيقة.. وحده الليل يهمي على الدور، والشجر مخيف، يقبض عليها كأنما وحش تقدح عيناه بالشرر، المطر يغسل المدينة بماء السماء، قد وعدها بطهارته قبل أن تلوثه وحول وآثام البشر.
كالصحراء يزحمها السراب… هكذا يتراءى الناس خلف زجاج نوافذ البيوت المشرعة لضوء البرق، وهدير الصواعق الآذارية… وعويل الترقب الساكن في صدور الخائفين…
أذاتي.. وقد أنهكها السكوت الموجع، أتعبها صمت الكلام في دوامة القصيدة التي تأبى أن ترى النور.. سبقها المخاض..
أذاتي.. أصيخي السمع لصوتي ها أناذا أغني الحياة.. لا حيلة لي من اقتراف الحزن،
لا انفكاك لي من ثقل الوجع، أشد الرحال نحو الأماني، أجر سلاسل قيدي.. لم تنكسر..
تعثرت طرقي، يحجبني الليل عنك، فكيف الاغتسال بعيداً عن طيف رؤاك في غربة عينيك؟
ها أناذا، ارتجل للمساء كلام القصيدة.. أغط بنوم عميق، عساه يقود خطاي إليك.
×××
( الليل يرخي سدوله)، غلالة من عطر زهري الليمون والياسمين مغسولين بالمطر… ألا أيها الليل، ما دمت معطراً بعطر بيارات الوطن، وشرفات بيوت الأحبة، وجودهم، سحرهم، رقصهم، شغفهم.. لتطل وتتمطّ، وإن أحببتَ لا تنجلِ،
قد واعدناك، وبأنا معك سهارى..
×××
في هاجس الإبداع تفاصيل، وفي سؤال الطفولة أيضا تفاصيل..
وفي النتيجة، الحقيقة تقول: لا يهتم للتفاصيل إلا اثنان، الطفل والمبدع.
الطفل حين يسأل، وحين يرسم، وحين يفكر.. والمبدع إذ يتساءل:
ما جدوى ما نبدعه، وكيف تتجلى وتتمظهر رسالة الإبداع الفنية والإنسانية والذاتية في وجوهها المختلفة؟
فالزهر، حتى الزهر، لابد أن يحتفي بتفاصيل، الندى والمطر الشمس والنسيم ليتضوع شذى أكثر.. وينشر تفاصيله في الأرجاء..
خالد عارف حاج عثمان