الوحدة 22-3-2021
يقول أنطون مقدسي: يستيقظ الإنسان إلى ذاته و إلى عالمه على حلم يتبخر
×××
آه .. ما أقسى أن تفترش حزنك, وتتخذ من قلقك كوسادة تلقي برأسك الصغيرة إليها, ثم تمضي في السنين مثل قارب تموجه الرياح؟! ثم تراه ينأى عن الشط بعيداً, ويضيع في اللج المضطرب, يبحث عن الغيوم المسافرة عن نجمات الدبين الأكبر والأصغر, لعلها تهديه بوابة العبور إلى الشط الذي أضاعه، لكن عبثاً كان ذلك، فهياج الشتاء أسرج خيول الخطف, ومضى يعاند الموج في ذهابه والإياب.
×××
مجرجراً بقية من ذكريات بردت صلاتها, رحت أنفخ في ذاكرتي لعلي أبعث فيها دفء الليالي التي بردت ذات عمر, فاستحضرت صورتكِ، عادتني عيناك فعادني هيام راح يتقافز في صباح ممطر, أرجعني طفلاً شقياً أجوب أزقتك الموحشة, وأتدثر بريحك العاصفة, وألوذ بحيطانك المدلفة.
×××
صورتك أعادتني طفلاً, شوقتني إلى مساحة صوتك, ذكرتني بأيامي التي غزلت وداعها فأرسلت توسلاتي بأن تخبئيني في ثنايا أصابعك ورجوتك ألا تدعيني أقارع وحدتي لكي لا أتبعثر في أحداق الزمن, وأضيع في تلافيف الحكايا, حيث كانت القصص كلها تتآكل أجزاؤها وهي تغرد في بيوت من سعال, ومغص وخرافات أحلام.
×××
أشتاقك الآن , أشتاق سندياناتك في (سوسو) و(الجرنيات)، حيث كانت هناك أحلامي تخترق كثافة الغيوم, وتكاد تلامس عري السماء, وروائح البخور الوافدة من مراقد الصالحين تتغلغل في حنايا صدري فينطلق لساني بالبسملات والصلاة على سيد الأنبياء.
×××
لا أدري لماذا أهرب إلى طفولتي, ولماذا يعودني البكاء بين الحين والآخر, وكنت أسأل نفسي: هل دموعي صادقة؟ واستحضرت أبا الطيب المتنبي في قوله:
إذا اشتبهت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى
وإني لأقسم: إنها كانت دموعاً صادقة.
سيف الدين راعي