الوحدة : 2-3-2021
من يقدر على ترميم (الهمم) فليفعل ذلك, أما من يكرّس تفكيره في الاتجاه المعاكس فلا نريده بيننا..
نضحك على أنفسنا إن تحدثنا عن (واقع وردي), أو إذا استغربنا تقاسيم التعب على شفاه الحروف, ولكننا بحّارة متمرسون, ويجب أن نقود المراكب بكل الاقتدار والمسؤولية, ولا نترك للريح فرصة التحكم بأشرعتنا..
أرضنا غنية جداً, وتجربتنا في الزراعة عمرها آلاف السنين, حتى قبل أن يخترعوا السماد (الكيماوي), والذي نشكو قلته هذه الأيام, والشكوى من عدمها, بالنسبة لمستلزمات الإنتاج الزراعي, هي الحد الفاصل بين الرغبة بالإنتاج من عدمها, وكما يقولون في ريفنا الجميل (الحاصود يحصد بقرن العنزة), أي أنه عندما تتوفر الرغبة بالإنتاج, وباستثمار كل ما هو متاح من الأرض الصالحة للزراعة سنفعل ذلك, و لن نختبئ خلف غلاء السماد وندرة وجوده, ولا خلف ارتفاع أجور الحراثة أو قلة المردود..
الموضوع يتعلق بـ (تحدّينا) لأنفسنا, وبقرارنا أن نكون بناة أو عالة, وبمدى قراءتنا السليمة لمستقبل أولادنا..
ما أجملها, تلك الساعات التي كنا ننتظر فيها دورنا لـ (طحن القمح) والعودة بـ (الطحنة) حيث (التنور) بدأ يلتهب شوقاً لرائحة الخبز الطازج..
بالطبع, لا ندعو إلى عودة (التنور) إلى كل بيت, و قد يكون هذا الأمر مستحيلاً في الوقت الحالي, لكن الممكن هو أن نزيد المساحات المزروعة بالقمح, وأن نستغل المدرجات الجبلية والتي قد لا تصلح إلا لزراعة القمح, وأن ندرك قيمة ما نفعل, فنواظب عليه..
القمح يأتي في المقام الأول بالنسبة لنا كبشر, ولكننا كبشر أيضاً نعتمد على (الحيوان) في تدبر أمورنا, وبدل أن نشكو غلاء الأعلاف وقلتها, يمكننا أيضاَ زراعتها في الأراضي الفقيرة, وقد بدأنا نلمس عودة إلى هذه البديهيات, وإن كان على نطاق ضيق..
المشكلة أن الجمعيات الفلاحية في فترات سابقة حولت المربي إلى عنصر اتكالي ولم تحفزه أو تجبره على الإنتاج مع أنه في النهاية هو من سيتفيد من إنتاج ..
دائماً ما نتكلم في التفاصيل الصغيرة لأنها الأساس, والبداية يجب أن تكون منها وإلا لن نتحرك من معاناتنا..
عندما لا نستطيع أن نؤمن مستلزمات (دجاجة) فمن الطبيعي أن نشتري البيضة بـ (300 ) ليرة, وعندما لانزرع الخس والبقدونس لا يحق لنا أن نشكو وجع تحضير صحن (تبولة)!
غانم محمد