الوحدة : 28-1-2021
كانا يمشيان متشابكي الأيدي.
حين أوقفته قالت: قصّ علي حكاية الجوري المعربش على شباكك..
رنا إليها سافرت عيناه في مقلتيها وتدحرجت دمعتان.
مدّ يده. طوّق خصرها وقال بتنهيدة : كم رجوتك نسيان هذا الأمر؟
وكم رجوتك الإجابة؟
قال لها : ياغاليتي ..هو جرح ينز فعلام ترغبين في فك جراحاتي؟
قالت : لربما أخفف بعض آلامك..
تلجلج الكلام في صدره. حاول أن يفصح ولكن؟
تابعا سيرهما والدرب يتبعهما من حيث سارا. جلسا تحت شجرة منداة قال لها : تأملي ما حولك .. قولي أي شيء ارتاحت لرؤيته عيناك؟
قالت: لا أرى إلا بعينك . أنت عيناي فقل ما الذي أراحهما؟
افتر ثغره عن ابتسامة قصيرة وشوشها : كم أحبك ؟!
أحست أن قلبها صار عصفوراً محلقاً في الأفق البعيد مسافراً في ارتعاشات الورود والندى حاملاً شوق الشموس.
قالت : أتسمع زغاريد الثرى؟ أم تراني في حلم لا أفيق؟
قال لها: لطالما كان عمري بيدر أحزان يلبس غمامة داكنة ولكم مرّ غيم القهر بأيامي فأحالها عوسجاً وصباراً.
عمري أيتها الغالية أكوام من غبار الأسى ولكم حاولت الإبحار في زوارق من أحلام أبغي جنة ما وطئتها قدم بعد نيام البحر على عتباتها ويداعب الموج ساقيها في غدوه والرواح . لكنه الحلم يبقى حلماً.
وأنا أدري جيداً أنني كنبتة صبار احتلبت ماءها. تعرت من نسغها فجفت فيها العروق.
عوسج الأيام يكسو جسدي وأنا الدائر في اللامكان أبحث عن طيف يأتيني والفجر اتلمسه بخلجات القلب التعبى من هجران تطاول في أذاه ولا ثمة مرفأ يلوح في المدى.
قالت: وماذا عني؟ ألست المرفأ المبتغى؟
وتطايرت خصلتا من شعرها داعبت خديه وعينيه ورسمتا على محياه وردة جورية أحجبت عواطفه فقال: أنت سنديانة جدي. نسغ البشائر في دمي . صوتي في اختناق حنجرتي ..
أنت وعد بيادري فاتركيني طوافاً في مقلتيك..
سيف الدين راعي