بين الشط والجبل … لماذا؟

الوحدة 7-1-2021

 

لا أدري لماذا أهرب الآن إلى طفولتي؟ ولماذا يعودني البكاء بين الحين والآخر وكنت أسأل نفسي: هل دموعي صادقة ؟ واستحضرت أبا الطيب المتنبي في قوله: إذا اشتبهت دموع في خدود    تبين من بكى ممن تباكى

مدلهاً بالحنين غالبت أشواقي, ونمت في كبدي أسراب أنغام سكبت أغاريدها, فرحت أتوكأ على جراحاتي وأصغي إلى حفيف أشجار الحور والصفصاف, وكنت أسأل:

كم من الحزن يجب أن يمر لكي نعرف غناء الشجر للخريف؟ وكم من الحزن يجب أن يمر حتى نعرف كيف نتحدث مع العصافير والريح والمطر؟

أنا الآن ضائع في بوابات الحياة، مواكب الشوق تدق باب القلب فأفرش جسدي جسر اشتياق أبعثره على رصيف العمر، وأستحضر صورتك الجالسة في عيني, أقربها, وأبعدها فتنهض حقول من سباتها وتفرش وهادها سنابل وقمحاً وأفياءً وماءً.

فتضيء حروف قصيدتي, تتعربش على حيطانك المسورة بالياسمين والبيلسان فأقول: تعالي .. أنت مني بوح قافيتي، وأشعاري أطوفها على سحبٍ غريرات.

أشتاقك الآن، أشتاق سفحك المخضر وقد كانت دروبه تزهر شموساً, وكنت أرى الربيع في عز كانون وهو يورق أنغاماً, وكانت السماء تنهمر في مقلتي, وصدى موال راعٍ ساح وأغنامه تصلني معطرة بالشوق وتسألني: لماذا لا تخلع عن نفسك ما علق بها من براثن السأم والضجر والأحزان؟

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار