بين الشط والجبل .. ذلك النبض الهارب

الوحدة 1-9-2020 


في الوقت الذي يكون العالم فيه مشغولاً بأسعار الذهب والنفط وإحصائيات ضحايا كوفيدو المستجد، لا تستغرب أن تجد نفسك مسكوناً بالحزن حتى الترمد، محاطاً بالغرابة والدهشة من كل ما حصل أو قد يحصل!

جنون أسعار الغذاء والدواء.. طوابير الانتظار والازدحام في أماكن كثيرة، ممارسات خاطئة لو تريثنا قليلاً لما ارتكبناها.. احتكار أساسيات لا مبرر له وكأننا في سباق لا ينتهي، والمؤلم أن يفضي هذت السباق الى انتشار وباء لا يرحم!

استوقفتني كثيراً صورة ذلك الرجل المسن الذي التقيته صدفة في (السوبر ماركت) وهو يمسك ربطة الخبز السياحي تارة ويتركها تارة أخرى وكأنه يحسم أمره في قضية هامة، ويعيد حساباته وخصوصاً أن التوقيت آخر الشهر وفي الوقت ذاته لايزال الفائض من خبز الأفران مرمياً فوف الأرصفة وبكميات كبيرة بقصد تجفيفه.. من أين أتى هذا الفائض وكيف!

في قرانا الجميلة هناك حيث تبدو الشمس كقرص الحلوى الشهي.. ويصير للماء طعم العسل المصفى.. والهواء قصيدة نثر تحكي اشياء كثيرة تحس ولا تقال.. كان خبز التنور قبلة الصباح الندية.. وطبق البيض هدية الزيارات الودية.. وغبره أشياء كثيرة كالسكر و….

هناك حيث المساحات المترامية من الحب والعطاء والتي تقلصت بفعل تغيرات الزمن.. كان الجميع يأكل من خيرات ما يزرع ..

بيوت الأجداد سكنها اناس لا يشبهون رائحة التراب.. لا يشبهون شجر الحور والصفصاف.. ولا يدركون ما يقوله العطر والحبق في حضرة المساء.. هم من غيروا ملامحها حتى غدونا في غربة حقيقية ..

أضعنا المفاتيح.. وأصبحت الأبواب الدافئة وليمة للريح…

وحدهم الذين أحببناهم بصدق رحلوا عن هذا العالم.. أخذوا معهم غابات قصب السكر.. وسماء من العقيق.. وحكايات ما قبل النوم.. وذكريات كم نتمنى لو تطرق أبواب العودة يوما حتى ولو في الحلم!

” منى كامل الأطرش “

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار