بين الشط والجبل … تعوَّدْتُ كذبكِ

العدد: 9296
20-2-2019 العدد: 9296

 

على عجلِ فكَّكْتُ ضفائر نعاسي، وجلستُ في حضرة استذكاركِ، كانت صورتُكِ تُمشَّطُ هدبي فدخلّتُ في طقس الصمت أحاوره وأسأله عن (جبِّ الفوُّار) أما زال ماؤه غدِقاً؟ أم تُراهُ كأيامنا آل إلى الجفاف؟
***
سافر الشوقُ إليكِ حاملاً أشعاره، وأنّاتِ نهرٍ يُموسق وجعه فرحاً كاذباً، والعمرُ أيلولي الملامح، تساقطتْ أوراقه قبل سقوطها، وعيناي رستا حائرتين في ميناء لا يريم، أنا الذي أحرق عمره على نار وعودكِ الكاذبة، ولطالما رضيتُ أن تعيديني إلى عينيك ولو حجراً..
ولكنَّ رجائي، وما رضيتُ به ضيعتها مزاميرُ حاكورة (بنت الشايب سلمى)،
وبقيتُ أنا على غربة روحي، أموّج أكمام حروفي على جفون ماطرة، وظلتْ نفسي تفورُ بعتابٍ خبأتهُ في حنايا أضلعي، وأودعته توتة (عيسى الخرسا).
***
تعودتُ كذبكِ، لم يعد الدمعُ غريباً على عينيَّ، فألقيت بحلمي إلى توجسي، وحاصرتني حشرجات كلماتي فقلت:
يا عذبةَ الثغر هل مات الهوي فينا
ليصبح الحب من نأيٍ يناجينا؟
توجعت نفسي، وامتطيتُ حجر القهر، وضعتُ في انكسار الضياء، وحتى دروبي أضحت مذعورة الخطا، وظهري راح يجلده سوط العناد والتعب..
***
أحاط بي الليلُ، ومع تنهيدة ناهدةٍ، مرَّ البدر من قدَّام عيني وطافت دمعةٌ في الهدبين، واتكأت مرةً أخرى على الشعر فقلت:
قضيتُ عشرين عاماً في تذكرها
يبلى الفؤاد إذا ما عشقه سلبا
وأطلقت الدروب خطواتي، وحمل الصباح توجعي، ورحتُ أفتش عن جسر السُّهاد.
***
أخذتني خطواتي إلى شاطئ البحر، كان الشطُّ ينضح بألوانه، ورأيتني أسقط في أزرق الموج، وظلت – رغم سقوطي- صورتك ترشح في دفء عظامي.
أنا الذي تعودتُ كذبك، مازالت الخيبة تلوب حرَّى المواجع والمدامع، وظللتُ أنا..
أنوح نوحَ الصدى، وظلَّتْ روحي ترفرف في سحبٍ من دخان..

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار