العـــــدد 9512
الثــــــلاثاء 21 كانون الثاني 2020
دائماً ما تفتخر الجامعات السورية بخريجيها وكوادرها المبدعين الذين يلمع اسم سورية في العالم من خلالهم، هؤلاء الأشخاص الذين أينما ذهبوا لم ينسوا بلادهم بل عادوا إليها وقدموا لجامعاتها كل جديد في العلم فقد كرمت جامعة تشرين الباحث السوري العالمي د. حسن هايس الحلو ود. غسان حايك من كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية نظراً لجهودهما المبذولة في إصدار مرجع علمي عالمي نُشر في أحد أهم دور النشر في الولايات المتحدة الأمريكية وقد قام الباحثان بتقديم نسخة من المرجع إلى جامعة تشرين كهدية ليستفيد منه الأساتذة الجامعيون والباحثون المتخصصون في بحوثهم المستقبلية.
فقد حدثنا الدكتور غسان حايك عن المرجع وفوائده ومحتواه قائلاً: لقد تمّ اعتماد المرجع العلمي القيم من قبل العديد من المؤسسات البحثية وتمّ نشره في الولايات المتحدة الأمريكية، يتألف المرجع من (489) صفحة مشكلة (19) فصلاً وتغطي مواضيعه تشغيل شبكات الطاقة الذكية والتحكم بها وقد حقق هذا المرجع مبيعات كبيرة في الولايات المتحدة وهو صادر باللغة الانكليزية عن دار النشر العالمي (أي جي أي كلوبال) ويذكر أن سعر هذا المرجع باهظ الثمن في سورية بسبب الأوضاع الاقتصادية لذلك قُدم للجامعة ليستفيد منه الباحثون والمختصون وأضاف حايك: أننا كمحررين فتحنا باب المشاركة من الباحثين السوريين لتأليف بعض فصول المرجع وفعلاً استطعنا تحقيق نسبة مشاركة 10% ذلك مع أقرانهم من مختلف دول العالم وهذا يساعد في تحسين ترتيب الجامعة العالمي، وقد قمنا بتحرير مرجع آخر في نفس دار النشر بعد النجاح الكبير للمرجع الأول وسُجل المرجع الثاني أيضاً باسم جامعة تشرين وقد قمت بتحريره مع د. حسن الحلو ومشاركة بروفيسور هندي باسيم خان وفور صدوره سيتم إهداء نسخة منه لجامعة تشرين.
كما وكان لنا لقاء مع د. حسن الحلو ليطلعنا على تجربته فقال: عملي هو باحث في مجال أنظمة الطاقة والتحكم بها مع التركيز على مفهوم شبكات الطاقة الذكية والميكروية أو كما يتم ترجمتها إلى العربية أحياناً باسم الشبكات الصغرية، فهذا الحيز البحثي مجال واسع وضيق في آن واحد كونه يتطلب إلماماً كاملاً بمفاهيم أنظمة الطاقة على تنوعها وأنظمة الاتصالات والتحكم وبناها التحتية اللازمة، أغلب البحوث التي قمنا بها تركز على التحكم بالشبكات الذكية وزيادة نفوذ منابع الطاقة البديلة والمتجددة فيها، طبعاً لا ننسى أن أغلب البحوث حالياً تحاول معالجة المشكلات التقنية الناجمة عن استبدال منابع الطاقة الأحفورية بمنابع طاقة متجددة والهدف من هكذا بحوث غالباً رفع أمان تشغيل أنظمة الطاقة واستقرارها مع تقديم الطاقة الكهربائية للمستهلك بموثوقية وجودة مناسبة، وأضاف الحلو: بعض البحوث التي أنجزناها في الأعوام الخمسة الفائتة تم تحويلها إلى صناعة تقنية واعتمادها في أنظمة القيادة والتحكم في بعض الدول المتقدمة والتي ساهمت بشكل كبير بالتخلص من بعض المشكلات التقنية وخصوصاً المتعلقة بالتحكم بالتردد الكهربائي، كون التردد الكهربائي يتعرض لتذبذب شديد في أنظمة الطاقة الحديثة والتي تعتمد على منابع الطاقة المتجددة، كمنابع الطاقة الريحية، وبالنسبة للجوائز التي حصلت عليها: بشكل عام الإنسان العادي لا يسعى إلى تحقيق جوائز وهي ليست الهدف الأصلي كون الهدف الأصلي هو النجاح في العمل وتحقيق الأهداف التي وضعت ببحثة العلمي أو غيره، وبمجرد الإخلاص في العمل إن كان علمياً أو أي عمل آخر فإن الجوائز تصبح تحصيلاً حاصلاً، وهنا أنصح الجيل الشاب وخصوصاً بالمرحلة الجامعية بدراسة فرع جامعي يحبونه ويحرضهم على الإبداع من أجل تحقيق النجاح في حياتهم المهنية وهنا عادة ما استخدم (مصطلح شغف)، ففي الأعوام الثلاثة الأخيرة حصلت على جوائز متعددة منها ما هو عالمي ومنها ما هو على مستوى بلدان محددة، أغلب هذه الجوائز تتعلق في أبحاث علمية تم نشرها سواء في مؤتمرات عالمية أو مجلات وبعض الجوائز كأفضل باحث أو غيرها، لكن ما يهمنا هنا وأود الإضاءة عليه كونه يعني لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي ليس في جامعة تشرين وإنما في سورية ككل هو جائزة أفضل مائة باحث عالمي في مجال تحكيم الأبحاث العلمية وهي جائزة تصدر سنوياً من منظمة بحثية عالمية بالتشارك مع مجموعة طومسن رويترز الشهيرة، ما يهمنا في هذه الجائزة هو إصدار قائمة بأفضل مائة شخصية عالمية عالميا ذات تأثير بالغ في حركة البحث العلمي على الصعيد العالمي، طبعاً أدرج اسمي في هذه الجائزة لسنوات متتالية وآخر مرة حصلت عليها هي منذ أشهر قليلة في العام 2019 وهي مسجلة باسم جامعة تشرين، وهذا ما يسعدني كونه يضع اسم جامعتنا ضمن قائمة أفضل مائة جامعة عالمية من هذا المنظور وسوف يسهم في رفع اسم الجامعة في الأوساط العلمية عالمياً، طبعاً هذه الجوائز تأتي كثمرة جهود متواصلة والعمل مع فرق بحثية عالمية، وهكذا جوائز تفتح أبواب كثيرة أمامنا فمثلاً حالياً أترأس وأحرر عدداً من المجلات العلمية العالمية وأعداداً علمية خاصة ضمنها، وغالباً ما تتم دعوتي لأكون متحدثاً رسمياً في مؤتمرات علمية تخصصية في بلدان متعددة اغلبها ضمن الاتحاد الأوروبي، سنغافورا, الهند, كوريا وغيرها، بالإضافة إلى ذلك, في العام الفائت بدأنا بإدارة عدة مؤتمرات علمية عالمية والمشاركة في لجانها العلمية في دول مختلفة، وتحدث د حسن عن فكرة نقل تجربة الشبكات الذكية إلى بلدنا قائلاً: لكي ننعم بنظام طاقة موثوق ومستدام ومن منطلق تحويل كل مشكلة إلى حل رائد، ركزنا على طرح مفهوم شبكات القدرة الذكية لتكون حلاً رائداً يرتقي بنظام الطاقة الوطني الى المستوى العالمي، تم طرح فكرة الشبكات الذكية (smart grids) لأول مرة في العام 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية كخطوة أساسية للانتقال بنظام الطاقة لديهم من النظام التقليدي إلى النظام الذكي ليكون أكثر أماناً وموثوقية، تقوم الفكرة أساساً على استبدال منابع الطاقة التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري الآيل للنضوب بمنابع طاقة متجددة وجديدة كالطاقة الشمسية والريحية وطاقة المد والجزر والحرارة الجوفية وطاقة الهيدروجين وما إلى ذلك، ومن الجانب الآخر, تشكل الاتصالات ونظم المعلومات والحاسبات فائقة السرعة البنية التحتية الأساسية لأنظمة القيادة والتحكم في مفهوم الشبكات الذكية.
إن مفهوم الشبكات الذكية يطرح آفاقاً جديدة لمشاركة المستهلك في تقديم الخدمات والحلول التي يحتاجها المشغل اثناء مواجهته لمشكلة طارئة في نظام الطاقة، ضمن هذا السياق طرحت فكرة الاستجابة للطلب من قبل المستهلك بمعنى آخر يمكن لإدارة النظام الكهربائي التحكم بسلوك المستهلك من خلال اتباع نظام الحوافز والتسعير الديناميكي للطاقة المستهلكة في الزمان الحقيقي، كما يمكن تشجيع المستهلك على إنتاج الطاقة وتخزينها بشكل محلي مما يساعد على تقليل الحمل الملقى على كاهل التوليد المتمركز, تركيب الخلايا الكهروضوئية على مستوى المستهلكين وأنظمة تخزين الطاقة باستطاعات محدودة تعتبر كمثال مناسب لمشاركة المستهلك في تأمين مصادر طاقة موزعة توفي ببعض احتياجاته والفائض منها يمكن رفد شبكة الطاقة الكهربائية بها.
إن زيادة مشاركة مصادر الطاقة المتجددة في تأمين القدرة الكهربائية غالباً ما يواجه بمشكلات تقنية متعددة تحد من الاعتماد بشكل كلي عليها، تركزت معظم الدراسات والأبحاث العلمية في العقد الأخير على إيجاد حلول لتلك المشاكل التقنية ومن هنا يعتبر مفهوم الشبكات الذكية من الحلول الناجحة، فالارتقاء بأي نظام كهربائي تقليدي إلى الشبكات الذكية يحتاج الى استثمارات هائلة وتكلفة بالغة جداً من وجهة النظر الاقتصادية على المدى القريب، لذلك يتم حالياً الارتقاء بأنظمة الطاقة في الدول المتقدمة بشكل تدريجي لتفادي تكاليف الباهظة وتلافي المشاكل التقنية التي تلقي بظلالها الثقيلة على أنظمة القيادة والتحكم في هذه الشبكات، في الحقيقة تعتبر بعض مناطق أفريقيا المكان المناسب لتطبيق مفهوم الشبكات الذكية وأنظمة الطاقة الصغرية.
بتول حبيب