العــــــــــــــدد 9294
الإثنـــــين 18 شـــباط 2019
أحبّتْ الكاتبة (سيمون دي بفوار) الفيلسوف والمفكر الشهير جان بول سارتر، ورغم الحبّ الشديد لم تشأ الظروف أن يتزوجا، وظلّا على صداقة متينة طوال حياتهما . .
كان حبهما مضرباً للمثل حتى في مرض جان والذي رافقته سيمون وسهرت على راحته إلى آخر لحظة من حياته . .
بعد رحيل جان أصدرت سيمون كتاباً بعنوان (حفل وداع) أهدته لحبيبها الراحل . . كَتبتْ فيه كلماتٍ مؤثرة مختصرةً تجربةَ الحبّ والألم والسعادة في آن واحدٍ . . (لقد باعدَ موتكَ بيننا . . ولن يجمعنا موتي معاً من جديد، هذا هو واقع الأمر ولكنّه من الواقع أننا استطعنا أن نحيا في انسجام كل هذه الفترة) . .
***
الأديبة (مي زيادة) أحبّتْ الكاتب جبران خليل جبران حباً روحياً خالصاً، ولم تتمكن من لقائه ولا مرة في حياتها، لكنها احتفظت بهذا الحبّ منارةً في أعماقها، وكتبت كثيراً عن الحبّ والسعادة، رغم أنها عانت في حياتها من قسوة الواقع وخصوصاً من بعض أقاربها الذين اتهموها بالمرض النفسي في آخر أيام عمرها، حبّ ميّ وجبران كان مضرب المثل في غرابته وطهره ونقائه، وظلّت مي مخلصة له في كل مراحل عمرها، متناسية المسافات المادية والجغرافية بينهما . .
***
اليوم . . وبالأخص على صفحات التواصل الاجتماعي، أصبح الأمر أشبه بمزاد علني للبيع والشراء، تتهافتُ المواقع لنشر أخبار الاحتفال بعيد الحبّ وهداياه المادية المبالغ فيها إلى حد استفزاز عقل ومشاعر القارئ . . وتعكس لغة العصر التي أصبحنا نتعامل بها متناسين جوهر الأشياء وحقيقتها المختلفة تماماً!
***
عندما تحبّ المرأة بصدق قد لا تنتظر مقابلاً . . وقد تفني عمراً بأكمله في الرهان على الحنين.. أو تطلب أشياء دفينة لا تترجمها لغة العصر المادية، لكنها موجودة رغم الضباب الكثيف الذي يحجبها . .
لم تكن سيمون دي بفوار أو ميّ زيادة مجرد كاتبتين وحسب، ففي داخل كل منهما امرأة من لحمٍ ودمٍ ومشاعر جياشة نجحتا في بلورتها لتصعد من فحم الواقع إلى ماسٍ حقيقي عصيّ على الزيف!
منى كامل الأطرش