هل يحقق الخبز السياحي مواصفاته المطلوبة؟ حماية المستهلك: لا أحد فوق القانون ضمن الأنظمة المرعية

العـــــدد 9459

الخميـــــس 31 تشرين الأول 2019

 

(مادة مدعومة) جملة استخدمت لوصف كمية المواد المدعّمة الداخلة في صناعة مادة ما، لجعلها أكثر تميّزاً عن مثيلاتها في السوق، فعلى سبيل المثال لا الحصر بنزين أوكتان وبنزين عادي، سكر أبيض وسكر أسمر، خبز آلي وخبز سياحي، ولكل نوع (ناسه) ويُنادى له باسمه، فقل لي أي بنزين تستعمل وأي خبز تأكل أقل لك من كم نجمة أنت، إذ أصبح الأوكتان والسياحي من أصحاب (الخمس نجوم) قولاً واحداً.
وبعيداً عن الأوكتان، حديثنا اليوم عن الخبز السياحي المدعّم بالحليب والسكر والمواد المُحليّة والخميرة والطحين الأبيض الخاص على ذمة الصانع، وبناء على المواد الداخلة بتصنيعه أصبح سعره اليوم 300 ليرة سورية، فهل حقاً كافة المواد المدعمة وبكمياتها القياسية قد دخلت في صناعة المادة واستحقت سعره، فهناك آراء تقول: لو أنّ الأفران السياحية فعلاً تضع كافة المواد وفق المواصفات السورية لكان سعره أغلى من 300 ليرة سورية، لذلك اتجهوا لعملية النسبة والتناسب، فبقدر المواد الداخلة تكون الأسعار، ومن جهة أخرى المواطن رغم علمه المسبق بجودة ولذّة ذاك السياحي لا يُقبل على شرائه ويُفضل لقمة الخبز بنوعيتها من الآلي لأنّ بوصلة الجيوب قد حددت خيارها وانتهي الموضوع.

ومن هنا قمنا بجولاتنا الميدانية على بعض أصحاب الأفران السياحية ومواطنين وطرقنا أبواب التجارة الداخلية وجمعية الحلويات والمعجنات للحصول على معلومة شافية ووافية وفي النهاية كل جهة نضحت بما لديها… وبداية كانت آراء بعض المستهلكين كالتالي:
* عبير يونس: إننا نقوم بشراء الخبز الأسمر لأسباب عدة، أولها يعتبر هذا الخبز مدعوماً من الدولة حيث تُباع ربطة الخبز بسعر 50 ليرة بينما الخبز السياحي يُباع بـ /300-350/ وفي حالة انقطاعنا عن شراء الخبز الأسمر نستعين بربطة من الخبز السياحي، وأحياناً يكون كالمطاط ويصعب على متناوله مضغه، وإنّ سبب رداءة الخبز بشكل عام الأسمر والسياحي يعود إلى افتقار الخبازين للحرفية في صناعة الخبز، ناهيك عن شروط وأسس صناعة الخبز السياحي، فالكثير من المخابز لا تتقيد بالمعايير للسكر أو الحليب أو المنكهات الأخرى والتي ينبغي أن تتوفر بها كل عجنة.
* كما يشكو (أنور بيطار) من قيام مخابز آلية بالتلاعب بالطحين (زيرو) وذلك بخلطه بطحين أسمر بعد تكريره أو غربلته بطرق معينة واحترافية، مما يجعله سيء الصنع وغير مستساغ وسط تأثير ذلك على الصحة العامة، ونوّه بأنه حسب ما يعلم بأن إعداد الخبز السياحي يتم بوضع نسب محددة وفق شروط صناعة الخبز وإذا انحرف عن الشروط نقول بأن رغيف الخبز رديء.

* ماجد رجوب حدثنا أنّ خبز القمح يحتوي على المزيد من العناصر الغذائية المفيدة لكن هناك شروط لصناعته لذلك يجب أن يكون مصنوعاً من حبوب القمح الكاملة لذلك فإن معرفة ما يحدث خلال صناعة رغيف الخبز في المخابز لا يمكن تحديده إلا بالرقابة الحثيثة لأنه لا توجد مخابز عامة أو خاصة أو تجارية إلا ويوجد فيها تلاعبٌ وغشٌ وبالنهاية نحن ضحية لكافة تلك الحالات قياساً بالدخل الشهري لا يمكنه شراء الخبز السياحي الغالي الثمن فهو يومياً يشتري ربطتين أو ثلاث بسعر 150 ليرة من الخبز الأسمر بينما لو اشترى ثلاث ربطات من الخبز السياحي فسعرها يفوق الـ 1000 ليرة.

* كما تطرق مازن نجار إلى عملية صنع رغيف الخبز السياحي فقال: تختلف صناعته من مخبز لآخر حيث تخضع عملية الإنتاج والتصنيع لشروط محددة لكن الغالبية لا يلتزم بها، وعند سؤالنا حول سوء رغيف الخبز تكون الإجابة من قبل أصحاب أو مندوبي الأفران بأن ذلك يتعلق بالجو البارد أو الحار وعملية التخمير ودرجة الحرارة والماء المستخدم في العجين وعملية التبريد، بالمقابل نجد أنّ معظم الأفران غير متقيدة بالشروط والآليات التي يتمّ بها صناعة رغيف الخبز وهناك الكثير من الثغرات في صناعته.
* أحد العاملين في المخابز السياحية أصرّ على عدم ذكر اسمه كونه عاملاً قال: إنّ المخابز تلجأ لزيادة كمية السكر بنسب مرتفعة على الخبز السياحي الأبيض من أجل إحداث مزيد من التطرية للخبز بهدف تحسين النوعية وتسهيل تسويقه وبيعه للمستهلك، وبيّن أن المواطن عندما يأتي لشراء ربطة الخبز ينتبه إذا كان رغيف الخبز طرياً أو لا، لذلك فإنّ مادة السكر تعطيه طراوة من أجل غايات تسويقية بحتة.
التقيد بآليات صناعة الرغيف

 

وفي هذا الخصوص هل يتقيد أصحاب الأفران التجارية والمعروفة بالمخابز السياحية بآليات صناعة الرغيف من حيث الجودة والمواصفات والمكونات الأساسية من سكر وحليب وبعض المنكهات الأخرى حتى يصل إلى المستهلك بنوعية ممتازة؟ مروان بريك صاحب مخبز سياحي عن كيفية إعداد رغيف خبز سياحي:
نقوم بتحضير المكونات الخاصة بصناعة الخبز السياحي المتعارف عليها لدى جميع الأفران (سكر، خميرة، طحين أبيض، حليب، زيت نباتي، ماء، بعض المنكهات) حيث يتم وضع جميع هذه المكونات مع بعضها في العجانة ونقوم بإضافة المواد الرطبة ويتم عجنها حتى تتماسك العجينة ثم تترك العجينة في مكان دافئ حتى ترتاح لمدة نصف ساعة أو أكثر ثم نقوم بتقطيع العجين وأخذه إلى القطاعة ثم تقسم العجينة إلى كرات متوسطة الحجم وبعدها إلى الآلة التي يتم تدوير الخبز بها، ومن ثم تسير عبر قشاطات آلية لفترة فوق بعضها البعض ذهاباً وإياباً كي ترتاح وبعدها تُدخل إلى الحراق (الفرن) وعندما تنضج نقوم بتغطية الخبز بالقماش حتى لا يجف ثم نضعه بأكياس نظامية مغلفة بشكل جيد وبعدها يتم توزيعها إلى المستهلك.
* وقد برر مصطفى حاج موسى صاحب مخبز سياحي ما يتداوله بعض المستهلكين من رداءة صناعة رغيف الخبز السياحي وعدم دخول كافة المواد بصناعته قائلاً: إن صناعة الخبز السياحي تتم بجودة عالية حيث نبدأ العمل في المخبز من الساعة الثالثة صباحاً ثم نقوم بتصنيع الرغيف بجودة عالية ولكن آلية النقل وتكديس الخبز فوق بعضه البعض من خلال الموزعين أو المعتمدين الذين يقومون بتوزيعه على جميع أنحاء المحافظة ما يؤدي إلى ظهور بعض الربطات بجودة غير محبذة للمستهلك، ونحن كأصحاب مخابز سياحية نسعى دائماً لمعالجة الأخطاء ومن بينها هذا الموضوع وذلك من خلال تصميمنا لرفوف خشبية حيث يتم وضع الخبز عليها من أجل الحفاظ على جودتها.
وأضاف موسى: لقد مررنا بفترة سابقة إثر ارتفاع درجات الحرارة التي أدت بشكل من الأشكال إلى التقليل من جودة الرغيف، ونوه إلى أن البعض من أصحاب المحلات والبقاليات غير ملتزمين بالتخزين الصحي للخبز حيث يضعونه أمام واجهات المحلات أو يقومون بإنشاء رف خارج المحل ووضعه عليه، ونوه إلى أنّ أشعة الشمس والعوامل الخارجية تسيء لرغيف الخبز ولهذه الأسباب لا يقع اللوم علينا لأن الجودة حاضرة وهناك تحسن ملحوظ بصناعته.
إشكالات ومخاطر صحية
في ضوء ما تقدم حول آلية وشروط صناعة رغيف الخبز حدثنا الدكتور عدنان مرشد أخصائي أغذية قائلاً: إن محاولات التلاعب في صناعة رغيف الخبز السياحي يتسبب بإشكالات ومخاطر صحية كثيرة لذلك يجب الابتعاد عن الأصناف التي ترتفع بها نسبة السكريات، فالخبز السياحي يتم صنعه من دقيق القمح المكرر فهو يعتبر من الأغذية التي تزيد الوزن بشكل كبير لذلك ينصح بتناول الخبز الآلي، ونوه فيما يتعلق بالشروط الأساسية في صناعة الخبز على غرار الوزن إلى جانب احترام شروط النظافة الحقيقية في كيفية التحضير وهذا الأمر لا بد من أخذه بعين الاعتبار من قبل الجهات المختصة لأن مادة الخبز هامة جداً في الحياة العامة، فمادة الخبز ليست تجارية بقدر ما هي إنسانية كون الدولة توليها اهتماماً كبيراً وتقوم بدعمها بشكل مباشر ولكن تتجاهل مراقبتها فأي إخلال بأي شرط من الشروط الصحية وطريقة الصنع وما شابه ذلك يؤدي إلى التعرض للأمراض.
مخابر التموين هي من تقرر
باسم حاج ياسين رئيس جمعية الحلويات والمعجنات في اللاذقية قال: هناك أفران حاولت رفع سعر الخبز السياحي إلى 400 ليرة والموضوع حالياً عند حماية المستهلك فبنظرهم الأسعار لا تتناسب مع المواد الداخلة في التصنيع فهناك سكر، حليب، خميرة، وطحين سياحي وبدرجات متنوعة فمن خلال بيان الكلفة المقدم يبدو أنهم يستخدمون هذه المواد ولكن لمعرفة الحقيقة فالموضوع عند مخابر التموين وهي من تقرر مدى استخدام الأفران حقاً لتلك المواد أو التلاعب فيها، علماً أن هناك قرار يلزم جميع المطاعم السياحية بكافة فئاتها بالخبز السياحي وهناك ضبوط تجري بحق المخالف لهذا البند وبالتالي هناك أسواق فتحت للخبز السياحي لأن أصحاب السندويش والمطاعم عند عرض بيان الكلفة يقدمون الخبز السياحي من ضمن قوائمهم وبالتالي هم ملزمون حالياً باستخدام الخبز السياحي.
حماية المستهلك: الجميع تحت سقف القانون
وعند سؤال رئيس حماية المستهلك وسام حسان عن وجود متنفذين للأفران السياحية في ظل سماعنا عن فئات الضبوط الضخمة التي تقام بحق الأفران الآلية وغياب الضبوط بحق الأفران السياحية: الجميع تحت سقف القانون وبالقرارات الناظمة لعمله، فمديرية التجارة الداخلية تقوم بالمراقبة بشكل مستمر وتدقيق الفواتير للمواد الأولية وتنظيم الضبوط في حال المخالفة، ويتم سحب عينات من الخبز كجودة منتج، وعينات من المواد الداخلة في صناعته.
عينتان مخالفتان للمواصفات
وتابع حسان: تم ضبط 6 مخالفات سياحية خلال الأشهر الثلاثة الماضية بسبب عدم حيازة فواتير وأسعار زائدة، كما تم تحليل 5 عينات لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات السورية فتبين مخالفة اثنتين منها، وبالنسبة للتلاعب بمادة الطحين واستخدام طحين الأفران الآلية بعد التنخيل أكد حسان أن هذا الأمر غير موجود وقد تم ضبط العديد من الأشخاص لاتباعهم هذا الأسلوب في أماكن مختلفة ولكن ليس ضمن الأفران السياحية.
وحول مطالبة بعض أصحاب الأفران السياحية برفع سعر ربطة الخبز السياحي إلى 400 ليرة أكد حسان أن الموضوع قيد الدراسة لأن كل فترة نطالب ببيان كلفة جديدة وفق الأسعار الرائجة ونقوم بسبر الأسعار الحقيقية وندرس الواقع ونقرر، وحالياً يوجد منافسة حقيقية بين الأفران السياحية الأمر الذي يحافظ على جودته والبقاء للأفضل دائماً.

تغريد زيود- بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار