العـــــدد 9438
الأربعــــــاء 2 تشرين الأول 2019
باتت ضغوطات مختلف مهن الحياة وميادين الأعمال تُفسد حياة الإنسان العامل الشخصية والنفسية والجسدية وذلك لما تسببه من مشاكل بدنية واجتماعية وعائلية في عدد كبير من الحالات، وأصبحت مصدراً مزمناً وجاذباً للاضطرابات والأمراض المتنوعة.
يكون كاهل الإنسان مثقلاً بالأعباء والواجبات والالتزامات التي تفرضها ظروف العمل وطبيعة المهنة، وعندما يزدحم جدول العمل اليومي بالمهمات الضرورية وغير الضرورية فهذا يُولّد مزاجاً سلبياً يُقوض الهمة ويمنع شد العزم والبدء بالعمل بوتيرة عالية ونشاط واضح.
يصعب الوصول إلى مجمل الأهداف الكبيرة بصورة مباشرة عندما تكون الحالة النفسية في وضعية الإحباط والذعر، ولهذا يجب وضع أهداف مرحلية للمرء وتجزئة أي موضوع إلى بنود مستقلة واللجوء إلى النصيحة وبعض الاستشارة واستمزاج الآراء للتمكن عندها من الوصول إلى ما يصبو إليه الإنسان مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تدوين مختلف برامج الأعمال وعموم الأفكار وشتى الخواطر بغية تهميش أفكار التقاعس والتخلص من الآثار السلبية وتعزيز الثقة بالذات والشعور بسعادة النفس وصحة الجسد، كما أن عدم الاعتراف بالنجاح والانتصار ولو في الجزئيات البسيطة لا يُحفز على المتابعة والاستمرار.
بينت معظم الدراسات الحديثة أن للجلوس الطويل على المكتب وتثبيت الأبصار إلى شاشة الكومبيوتر أثر كبير وسلبي على الصحة العامة وكلما طال أمد الجلوس انخفضت سوية الطاقة لدى الشخص مما يؤدي في النهاية إلى اعتلال صحته وربما تقصير سنوات عمره، ولكن ثمة عدد من التغييرات المُلحة والبسيطة في العادات يمكنها درء بعض تلك الأضرار الناجمة عن طبيعة المهنة، ويُلاحظ أن هناك عاملاً إيجابياً لطبيعة العمل بوضعية الوقوف غير الطويل لأن ذلك يمنح نشاطاً إضافياً لا يتمتع به مزاول العمل المكتبي من حيث ضمانة الحماية النسبية من أمراض القلب ومشاكل السمنة وغيرها.
يجدر توخي الحذر بالنسبة للنساء خصوصاً واللجوء إلى أخذ فترات استراحة أكثر بقليل من الرجال خلال ساعات العمل اليومية لأن التوتر العضلي الناجم عن ممارسة الأعمال المكتبية والإدارية أمر تراكمي ويؤدي بدوره إلى زيادة الضغط على الأعصاب ويمكن في ذلك الحين أن يؤثر هذا سلباً على جودة أداء العمل مما يعني المخاطرة بهذه الوظيفة.
يُعتبر النشاط الجسدي والتمارين الرياضية كالحبة السحرية التي تدفع التوتر وتُخفف مستويات القلق والاحتقان المختزن في داخل الجسم، وتنصح بعض الدراسات باللجوء إلى الاستماع للموسيقا الهادئة للتخفيف من حدة الشعور بالتوتر والإحباط كونها تحسن الحالة النفسية والجسدية من خلال تقليل التركيز والتفكير في أسباب التوتر والإجهاد فيؤدي ذلك إلى خفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب في الجسم.
يُعد تعرض عدد كبير من الناس لنسب عالية من الانفعال والضغط من جراء بعض المهن المزاولة أمراً لا بد منه، ولكن يصبح الوضع سيّئاً عندما يكون هذا الضغط غامراً للعقول والأجساد بهرمون التوتر بوضع مزمن، حيث يؤدي كل ذلك إلى عدم المقدرة على النوم وحالات من الغضب والعصبية مع عدم إغفال ظهور مشاكل تنفسية وهضمية من جراء التعب الذي يقلل المناعة في الجسم.
وفي الختام فأياً كان نمط الوقت الذي يتم تقضيته في العمل فعلى المرء الحرص على التمسك بزمام الصحة وتعلم السيطرة على العوامل التي تُؤذيها لأن المال لا يعيد الصحة أو يُعوضها بأي حال من الأحوال.
د. بشار عيسى