وقـال البحــــــر … قهوة صباحية

العدد: 9435

 الأحد-29-9-2019

 

 

ليس ثمة أجمل من رؤية شمس الصباح من نافذة وهي تطلع من وراء الجبال الزرقاء البعيدة عند الأفق الشرقي، منذ سنوات لم أعد أرَ تلك الجبال من نافذتي، ثمة خطّ طويل من المباني العالية، راحت تفصل بيننا، الحمد لله، ما زالت نافذتي تطلّ على البحر.

بعد الاستيقاظ في السادسة صباحاً، أتجه إلى التلفاز لمعرفة الأحداث التي حدثت في الليل، تفاجئني المحطات اللبنانية وأغلب المحطات المحلية بما تقوله الأبراج . .
لنعترف، لقد بات العرافون أكثر جماهيرية وأكثر تأثيراً في قناعات الناس من المحللين السياسيين ومن المثقفين الذين أبعدوا عن وسائل الإعلام، يقول صديق لي: (ما يشهده الواقع اليوم من توجه إلى معرفة ما تقوله الأبراج عن حظوظنا وعن مستقبلنا وعن الأحداث السياسية محلياً وإقليمياً وعلى مستوى العالم هذا دليل على انهيار ثقافي وفكري وسياسي وإيماني).
ثمــــة ســـــؤال: لماذا المشـــــرفون على برامج المنوعـــــات في بلدنا النازف دماً يصرون على تقديم ما تقوله عرّافات الأبراج؟ وما تقدمه راقصات أخر الزمــــــان؟
أليس في المشافي آلاف المرضى والجرحى وآلاف الجنود في الخنادق لمواجهة القتلة الإرهابيين؟ هل تحتاج الجاذبية الإعلامية لكل هذا الصخب والضجيج الرخيص ونحن نغرق في بحيرة الدم؟
هذا السؤال قد لايعجب أحداً . .
أمسك بفنجان قهوتي، أحمد الله أن يدي لا ترتجف وهي تمسك بفنجان القهوة، أرفع فنجان القهوة إلى أنفي وأستنشق رائحته أولاً، أحب رائحة القهوة أكثر من طعمها، عندما أشتري قهوة تفوح رائحة القهوة في سيارتي أياماً . .
هذا الصباح، بماذا تفكر؟ سألتني زوجتي، قلت: رأسي يعود إلى الوراء . .
البارحة كنا أطفالاً نذهب إلى المدرسة، كانت المدرسة جميلة ونظيفة وخالية من الأوراق التي تتراكم اليوم في صفوفها وساحتها وعند جدرانها وفي مداخلها، وكان الطلاب جميلين ووادعين، وكان المعلمون طيبين ومحبين لتلامذتهم.
المجتمع تغيّر، المدرسة، الشارع، أمزجة الناس، ثقافة العلاقات الاجتماعية تغيّرت، نحن أمام تحولات سريعة تشرعن فلسفة الفساد والخطأ وأن الطريق إلى كل شيء هو المال.
ماضياً، كان الفساد المادي والثقافي والوطني والاجتماعي يجلب العار لأهل الفاسد، ولمحيطه الاجتماعي . . لكل شيء في النهاية نهاية، قالت زوجتي: اشرب قهوتك، ولا توجع رأسك.
قلت: لا أستطيع أن أفصل بين رأسي والواقع.

سليم عبود

تصفح المزيد..
آخر الأخبار