العـــــدد 9433
الأربعـــــــاء 25 أيلــــول 2019
يمثل تسارع الزمن وتصاعد الطموحات ونمو الرغبات وتزايد الحاجات محفزاً لأن تتسم الأفكار الخلاقة بالعملية وحتى يصح أن يكون نمط تسويقها سهلاً وكاملاً ومنسجماً مع الزمان والمكان لتصبح قادرة على التأثير في العقول ودفعها نحو المراتب الأعلى في الفكر.
تتدرج الأفكار المنطقية حسب قانون الأسباب خطوة فخطوة حتى تتوافق مع القواعد المنطقية ولا تتجاوز الأعراف والتقاليد والأنظمة المفروضة والأساليب المألوفة لأن المنطق يفرض مراعاة توازن الفكر مع العمل، وأما بالنسبة للأفكار الإبداعية فهي تخرق المألوف ولا تخضع لقواعد ثابتة كالتقاليد والأعراف أو لأي قرارات محكمة.
من أساليب التسويق الصحيح للأفكار البساطة وعدم التكلف ودعوة الناس بصدق وكذلك توجيههم بالأسلوب واللغة التي يفهمونها، فهل يجدر الإبقاء على الأساليب التقليدية في التسويق للأفكار أم المخاطبة بالأساليب العلمية والفعالة التي تؤثر في الطرف الآخر؟
على سبيل المثال للحصول على زبائن أكثر في فعالية أو مكان ما يجب الحرص على التسويق الجيد وإعطاء حوافز تشجيعية و جوائز للزبائن والعمل على الحفاظ عليهم فأحياناً تكون المنتجات مادية ملموسة يمكن للشخص امتلاكها وحملها، ولكن في المقلب الآخر بالنسبة للأفكار فيمكن تصنيفها بأنها خدمات فقط وهذه الخدمات تُعرف بأنها تفاعل غير ملموس بين الناس ولا يمكن امتلاكها أو الإمساك بها، ومن المعروف أن القاعدة الرئيسية في التسويق الاستراتيجي هي أن الناس لا يشترون المنتج وإنما يشترون الفائدة التي تعود عليهم من هذا المنتج وذلك يقودنا إلى التساؤل عن الفائدة التي يُحصلها المستهدف، ويتضمن التسويق الاستراتيجي مراحل لا بد من إتقانها لنجاح أي منتج ابتداءً من الأبحاث ودراسة البيئة وجمع المعلومات وتحليلها ودراسة سلوك الزبون وتقسيم فئات الزبائن واستهداف كل منهم والحرص على جودة السلعة المعروضة حتى ترسخ في ذهن الزبون واختيار الوسيلة المناسبة لمتابعة الزبون والمحافظة عليه وربطه بالمؤسسة ليكون عميلاً دائماً.
هناك مقاومة لا بد من إدراكها وتوقعها لأي فكرة ولا يمكن أن يكون كل تسويق مضمون النتائج، فعلى عارض الأفكار أن يتوقع ذلك وحتى تخف حدة هذه المقاومة لا بد من حليف غير عادي ومهتم بالفكرة المراد التسويق لها، ولذا يُفترض الذهاب إلى من يُقدر ما يُنتج من أفكار ولا بد من التلقائية والابتعاد عن أغلب الرسميات قدر المستطاع عند التسويق للأفكار لأن الخبرة أثبتت أن كثيراً من القرارات تُتخذ عادة بتلقائية حتى إن البعض يؤكد أن أهم القرارات التي اتُخذت كانت في المجالس غير الرسمية.
من البديهي أنه بدون تسويق استراتيجي فعال للأفكار سيكون مصير أي مشروع فكري الإخفاق ولو بعد مدة من الزمن، فعند وجود فكرة معينة يتوجب أن نعدها سلعة تحتاج إلى جمال وتميز لجذب الانتباه وتُعد أكثر المشاكل في هذا المجال ناتجة عن تصدي قليلي الخبرة للعمل بهذا المجال وهناك أُناس نجحوا في تسويق أفكارهم بطرق إبداعية بعد أن فهموا وعززوا ما يملكونه من أفكار وبرعوا في التسويق المميز لها وأبدعوا في كل طرق إيصالها إلى كل الآذان الصاغية وتعاملوا مع الأفكار وكأنها سلع تخضع للعرض والطلب والجودة.
يمكن القول بأن التسويق ليس دعاية وبيعاً فحسب بل هو عملية معقدة تتأقلم مع كل منتج أو فكرة أو خدمة تقريباً والعوامل التي تحدد مدى نجاح التسويق تتلخص في التركيز على السوق وتحديد حجمه وتحليل البيئة التسويقية ومجموعات الزبائن التي تستطيع أي مؤسسة خدمتهم بطريقة أفضل والتوجه نحو الزبون يعني بأن تستثمر المؤسسة وقتاً لمعرفة احتياجاته ومن المهم إرضاء الزبائن وخاصة في حالات المنافسة حتى لا يتسربون إلى منافسين آخرين.
د. بشار عيسى