العدد: 9432
الثلاثاء : 24-9-2019
طلب ديوجين من الاسكندر قائلاً له: لا تعترض طريق الشمس.
تجاهل الاسكندر طلب ديوجين، وعلى رأس جيوشه الجرارة، اندفع غازياً أرض الشرق، وبلاد فارس، والكثير من بلدان العالم، محاولاً اعتراض طريق الشمس، غير أنّ الشمس لم تمهله طويلاً، فأخمدت أنفاسه فوق تراب بابل، وعندما أشرقت أيبسته كعود الحطب، ويوماً إثر يوم نخر الدود عظامه، وفتكت النزاعات بقواده وغنائه، وإلى اليوم ما تزال الشمس تشرق، دونما أي اكتراث بالغزاة والطغاة الذين يحاولون اعتراض طريقها الجميل.
***
في لقاء ما بين دوايت أيزنهاور رئيس أمريكا، وقائد جيوشها والمستشار البريطاني دافيدهيوم قال له: أتمنى لو يسقط لومومبا في نهر يغصّ بالتماسيح . . هذا القول ليس غريباً على أي من زعماء أمريكا ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً، هم أعداء المناضلين والثوار المناهضين للظلم والاستعمار، والعبودية، والتوحش . . كم هو بغيض وشرير هذا الأيزنهاور؟ الذي يتمنى للآخرين السقوط في أنهار تغص بالتماسيح.
***
وماذا بعد ذلك يا أخي؟ آخر كلمات قالتها، رئيسة وزراء الهند (أنديرا غاندي) بعد أن أفرغ حارسها رصاصات مسدسه في صدرها، وقبل أن تسقط على الأرض، نظرت في عيني قاتلها نظرة عتاب، وقالت له: وماذا بعد ذلك يا أخي وأسلمت الروح.. لم يكن ذلك غريباً، في عصرنا ما أكثر الذين يفرغون رصاص مسدساتهم ويغرزون خناجرهم في صدور أشقائهم في الوطن والإنسانية، من أجل كرسي أو حفنة مال. آه! يا أنديرا الطيبة!، ما جدوى العتب بعد أن أفرغ رصاصات مسدسه في صدرك الذي كان يحتضن قلباً طيباً أشبه بزغلول حمام؟!
***
نعيش في عالم غريب، حيث يمشي الفقراء أميالاً ليحصلوا على الطعام، ويمشي الأغبياء أميالاً ليهضموا الطعام. نيلسون مانديلا، حقاً، عالم غريب، وقد ازداد غرابة، ويزداد يوماً بعد يوم، في أيامك كان الفقراء يمشون أميالاً ليحصلوا على الطعام، في أيامنا يا سيد مانديلا أضحى الملايين . . الملايين . . من سكان هذا العالم يركضون ويلهثون لآلاف الأميال للحصول على كسرة خبز وحبة زيتون، وشربة ماء، وغطاء . . أما الأغنياء فقد نسوا المشي، فهم يركبون الطائرات واليخوت والعربات الفارهة للوصول إلى أسواق السلاح وبيع المخدرات، وتبييض الأموال، لم يعد لديهم وقت للمشي، هم متخمون بكل شيء، بدءاً من البورصة حتى إشعال الحروب، وتجنيد المرتزقة للفتك بكل ما هو جميل على هذه الأرض، وهم يتناسلون كالقنافذ، والخنازير.
بديع صقور