وقـال البحــــــر…مشاكل مجتمعية

العـــــدد 9418

الأربعـــاء 4 أيلول 2019

 

جاءت مشاكل المجتمع مختزلة وعاكسة هماً وطنياً عاماً ومعاناة شعب صامد في مواجهة أعتى عدوان غاشم، قدم خلاله قوافل الشهداء من عسكريين ومدنيين في سبيل الحفاظ التام على وحدة سورية الجغرافية والمجتمعية وسيادتها الوطنية.
تزايدت الفوضى في المجتمع بأشكال مختلفة في ظل ظرف اقتصادي خانق وضائقة مالية يعاني منها السواد الأعظم من المواطنين، وشاعت انحرافات في سلوك العديد من البشر بشكل مفرط، وغابت لغة الحوار بين غالبية الناس، وارتفعت جعجعة العبارات ورنين الشعارات.
ولعل الجيل الحالي ليس المسؤول الوحيد عن هذه الفوضى، و لربما كان الضحية الأولى لها، نظراً للتحكمات الأسرية وبعض الاعتبارات الشكلية والمادية، وهذا الجيل ليس مسؤولاً أيضاً عن شيوع المثيرات المختلفة والأساطير الخادعة والمظاهر المقززة والآمال المنمقة الكاذبة وضغطها الهائل على الأعصاب، وعن مزاج الكبار الصعب والمتصلب.
يكون الفرد أكثر عرضة للمشاكل في البيئة الاجتماعية التي تنعدم فيها سلة الاختيارات الدراسية والوظيفية والنفسية والعاطفية، وتضطرب فيها الأدوار على اختلاف نوعيتها كالأسرة التي تعمل فيها المرأة والرجل عاطل عن العمل، إضافة إلى تخلي عدد من الأمهات عن أداء الدور التقليدي المتمثل في رعاية الأطفال والقيام بعموم الواجبات المنزلية المختلفة، ولهذا لا يجب التغافل عن أن التقدير الكامل والواعي لعطية التفاهم والمحبة التي حباها الخالق لا يتم اختباره إلا في نطاق الروابط الزوجية.
من أهم الأمور المُستحسن الأخذ بها لحلحلة عُقد حبال مشاكل المجتمع هي:
* إنجاز مرحلة إعادة بناء البنى التحتية لتفعيل عجلة الإنتاج الوطني وامتصاص عموم اليد العاملة التي تعاني من البطالة وبالمحصلة الوصول إلى تنمية مجتمعية حقيقية كهدف استراتيجي نتيجته خلق اقتصاد قوي يعيد الألق لليرة السورية ويُؤْمِن احتياجات الأسواق من المنتجات المحلية في ظل هذا الحصار الجائر والعقوبات المفروضة على الشعب السوري.
* سنّ التشريعات القانونية المناسبة التي توفر البيئة الناظمة لاحتضان أبناء وذوي الشهداء والمصابين والجرحى، وتعزيز كل مزاياهم التفضيلية في المجتمع ضمن إطار تكافلي اجتماعي كنوع من التقدير والعرفان.
* ضرورة المصالحة الاجتماعية والتسامح تعزيزاً لثقافة الحوار والتعايش لتشمل كامل الجغرافيا الوطنية كونها مطلباً شعبياً وهدفاً سامياً لتحصين وتدعيم الجبهة الداخلية، و تقوية وتمكين التفاعل الإيجابي بين مختلف المكونات الاجتماعية، وتوفير الأمن والأمان والحماية للجميع.
* إعادة تأهيل غالبية سواد المجتمع الحالي المصاب بمختلف أنواع أمراض التسيب الحاد والتساهل واللامبالاة مع قيمة الوقت وشتى شروط الحياة الطبيعية ببرامج توعية مناسبة تعيده إلى جادة الصواب من حيث الالتزام بقواعد التعامل مع الزمن ومتطلبات الجودة النوعية للعيش الكريم.
* الحد من العنف الجسدي وظاهرة تعنيف المرأة وأسباب خضوعها للعادات والتقاليد المجتمعية كالزواج المبكر خوفاً من العنوسة، وذلك من خلال التوعية بحقوقها وواجباتها وإنصافها.
و أخيراً فإن إعادة بناء الإنسان يجب أن تكون في أولويات إعادة البناء الاجتماعي تربوياً وتعليمياً وثقافياً مع التأكيد على أنه بالعزيمة الجادة وشحذ الهمم وصدق النية تستمر إرادة الحياة وتُذلل الصعاب وتُبنى الأوطان ويُعاد إعمار البشر والشجر والحجر.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار