الوحدة – سها أحمد علي
كشفت دراسة حديثة أجراها فريق علمي في أستراليا أن اتباع نظام الكيتو الغذائي قد يشكل وسيلة فعالة لتقليل وتيرة نوبات الصداع النصفي وشدتها، مما قد يقلل الاعتماد على الأدوية المسكنة، ويسلط البحث الضوء على العلاقة بين الخلل الاستقلابي والصداع النصفي المزمن، مقترحاً أن نظام الكيتو يعالج هذه الاضطرابات من خلال تحسين استقلاب الطاقة في الدماغ.
يُنظر إلى الصداع النصفي حالياً على أنه حالة مرتبطة بنقص الطاقة في الدماغ، حيث تلعب الاضطرابات الاستقلابية دوراً رئيسياً في تفاقم الأعراض، ومنذ ما يقرب القرن، لاحظ الباحثون عام 1935 أن انخفاض مستويات سكر الدم يحفز نوبات الصداع النصفي، بينما يؤدي تصحيح هذا النقص إلى تخفيف الأعراض. ثم أكدت دراسات لاحقة، مثل تلك التي أجريت عام 1982، على وجود خلل في إمدادات الأكسجين في الدماغ من خلال رصد ارتفاع مستويات اللاكتات في الدم والسائل الدماغي الشوكي أثناء النوبات. وهذه النتائج المبكرة مهدت الطريق لفهم الصداع النصفي كحالة استقلابية.
وتشير الأدلة الحديثة إلى أن الصداع النصفي ينتج عن مجموعة من الاضطرابات الاستقلابية المترابطة، تشمل خلل الميتوكوندريا، واختلال توازن الميكروبيوم في الأمعاء، والالتهاب العصبي، والإجهاد التأكسدي، إلى جانب مشاكل تنظيم الوزن وضعف استقلاب الجلوكوز. وتبعاً لذلك، فإن هذه العوامل مجتمعة تخلق حالة استقلابية منخفضة تجعل الدماغ أكثر عرضة للنوبات.
يأتي دور نظام الكيتو، وهو نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، ومرتفع الدهون، ومعتدل البروتين، يهدف إلى محاكاة حالة الصيام. فعندما ينخفض الجلوكوز، يتحول الجسم إلى استقلاب الدهون، ما ينتج أجساماً كيتونية مثل “بيتا-هيدروكسي بوتيرات” (BHB)، والتي يمكنها توفير ما يصل إلى 75% من طاقة الدماغ، مما يوفر مصدر وقود أكثر كفاءة من الجلوكوز، ما قد يصحح النقص الاستقلابي المسبب للصداع.
وعلى صعيد النتائج، أفادت تقارير مبكرة تعود إلى عشرينيات القرن الماضي بأن نحو نصف المرضى الذين اتبعوا نظام الكيتو شهدوا تحسناً ملحوظاً. وقد أكدت تجارب حديثة، خاصة من إيطاليا، هذه النتائج حيث أظهرت مجموعات نظام الكيتو انخفاضاً كبيراً في أيام الصداع الشهرية وفي استخدام الأدوية مقارنة بالأنظمة الغذائية القياسية. ومع ذلك، فإن التنوع في تصميم الدراسات وطرق قياس الكيتونات يجعل إجراء تجارب أكبر وأكثر توحيداً أمراً ضرورياً لتأكيد هذه الفعالية.
وفي المقابل، وعلى الرغم من هذه الفوائد الواعدة، يتطلب نظام الكيتو إشرافاً طبياً وغذائياً دقيقاً لتجنب آثاره الجانبية المحتملة، والتي قد تشمل ما يعرف بـ “إنفلونزا الكيتو” (المصحوبة بأعراض مثل الغثيان والدوار)، وحصوات الكلى، ونقص الفيتامينات، أو انخفاض ضغط الدم.
باختصار، يعد نظام الكيتو خياراً واعداً للوقاية من الصداع النصفي المزمن من خلال معالجة نقص استقلاب الدماغ. ومع ذلك، هناك حاجة إلى تجارب سريرية قوية لتقييم سلامته وفعاليته بشكل كامل.