صوت الوحدة…الحرب على الدولار!

العدد: 9414

الأربعاء: 28-8-2019

 

 أي شيطان هو حتى عجزنا عن كبح جماحه، أم أي (سفهاء) نحن حتى اتبعنا غوايته؟
الدولار (فقّس البيضة)، وتواجد في (معلف البقرة)، ومدّ رجليه على بساطنا المتواضع، وأصبح (أخاً بالرضاعة) لكلّ وسوسات أرواحنا التي أتعبتها تجارة الحرب أكثر من الحرب ذاتها!
كيف كان يهبط سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في ظروف كانت أقسى مما هي الآن، الآن حيث يصرّ الدولار على التحليق، أم يصرّون على ظلم الليرة، وعلى ظلم كلّ من بقيَ وفيّاً لها، أو مجبراً على التعامل بها!
يوم شعرنا أنّ ليرتنا بحاجتنا تدفقنا بكلّ مسؤولية لنضع كلّ إمكانياتنا المتواضعة في خدمتها، لكننا بكلّ أسف خُذلنا، ولم نرَ أي أثر إيجابي يمسّ تفاصيل حياتنا، فلا (البيضة) تراجع سعرها، ولا (سندويشة الفلافل) استعادت ذكرياتها الحلوة مع الليرة، كلّ ما اختلف أو جدَّ علينا هو أنّ (موبايلاتنا) تتلقى يومياً عشرات الرسائل لاستنزاف أنفاس ليرات تشعر بالغربة في جيوبنا، وتدعونا لربح الملايين (الوهمية) في إزعاج وتعدٍّ واضحين من شركات الاتصال الخليوي على هدوئنا وأماننا الشخصيين!
في حصار ثمانينات القرن الماضي خرج الاقتصاد السوري على ضعفه، وبنى نفسه بنفسه، وحضرت سياسات اقتصادية قوية وفّرت مقومات العيش والصمود، ومع الاعتراف بعدم صحة المقارنة بالظروف، إلا أنّ محاولات الثمانينات كانت عملاً على الأرض، أما الآن فهي بمعظمها وعود مسافرة في الزمن!
ننتظر أن يكون هناك تقييم صحيح وقراءة حقيقية لما يمكننا فعله بهذه الأثناء، وأن نعمل على أساسه، وما دام إنتاج العلف محلياً على سبيل المثال لماذا نخضعه لسطوة الدولار؟
العمل على خطيّ الآني والاستراتيجي بروح المسؤولية، والإكثار من الاعتماد على البدائل المحلية، وإعادة الدعم للمنتجين الحقيقيين، والتخلّص الكامل من عصي المستغلين، كلها عوامل قد تأخذ بيد ليرتنا السورية، وحينها سيتوقّف (النقّ) بخصوص زيادة الرواتب على الأقلّ.
طالما أتينا على ذكر الراتب، هل يُعقل أن يكون أقلّ دخل للاعب كرة قدم في سورية خمسة ملايين ليرة سورية (هناك لاعبون يفوق دخلهم السنوي خمسين مليون ليرة) بينما لا يزيد دخل أي موظف من الدرجة الأولى عن (600) ألف ليرة، مع أننا ولاعبي كرة القدم نشتري نفس البيضة؟ هل هو الدولار اللعين أيضاً؟ (ما أشطرنا) بإلقاء آثامنا على (الدولار)، والتغنّي بأمجاد الأمس وأحلام الغد، أما اليوم فهو (مشطوب) من اهتمامنا.
أحلام في مهبّ الريح، كلما اعتقدنا أننا أمسكنا بها، خاننا الاعتقاد، وقذف بنا بعيداً عن وجهتنا.. لسنا (مساكين)، ولكن ربما كُتبت علينا محاربة طواحين الهواء، حتى إذا ما عدنا منها منهكين، نسينا أن نقلّب التفاصيل، وقد يكون هذا الأمر مريحاً (نظرياً)، لكن من قال إن العشق جميل لولا آهاته!

غانــــــم محمــــــد

Ghanem68m@gmail.com

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار