العـــــدد 9410
الخميـــــــــس 22 آب 2019
يابسة أصابعك فوق المجاذيف، يابسة هي الأيام، لقد ضل الزورق دربه، وحيداً بقيت تشعل النار في حطب القصائد، ولا نار على الجبال..
أيها المساء الأغاني حارة وجميلة، هي النجوم شاخصة بعيونها إلى ثلج الجبال، تنتظر طلوع الشمس، آه ما أطول الليل؟!.
أيها الغريب، هو ذا المساء يتوسد ساعد الليل، يتلحف مطر الغابات الداكنة، وأنت ما زلت تتوسد خريف أيامك، أيها الغريب للشجر معابرٌ لا تنتهي، وللريح بقية الحكاية، لوجه الصباح حصان أخضر، ولك الذكريات والدروب، ولا حصان بحوزتك.. ينهض من رماد المدن، يفتح بوابة الفجر، ثمة طيور وحقائب، تقول له الطيور: الحزن على جلد الحقائب، وعلى الوجوه، وتنكر حزنك المسافات..
لست حزيناً أيها الشاعر، إنما الحزن راية الغرباء، انتظر سفينة ما، قد ترسو في مرافئ حنينك! لا تيأس أيها الغريب، لا تيأس أيها الشاعر.
ولدتُ من رحم الجبال، وفي دمي جينات مطر حنون، وما زلت أراهن على أن الحياة تستحق التضحية، والوفاء.
تتراكض الأيام، يبتعد النهار، والسفينة على وشك أن تغادر ميناء الحب، تضيق الأرصفة، وتنطلق صافرات الوداع، يضطرب الموج، تتقاذف الأسماك، وتحلق النوارس خلف الغيوم، تبتعد السفينة، ولا من يلوّح لك بمنديل أو قبلة. البحيرة تغسل وجهها بالموسيقا، تنتشى الضفاف، وحيدة تسكب الوردة عطرها على المجاذيف، يتبعد القارب الصغير، لقد ضلت النجمة درب الرجوع، ونسيت أغانيها الحمامة فوق الشرفات، وعلى أغصان البيوت.
هذه السهول تورق حباً، ودموعاً، هذا النشيد للمتوسط الأبيض الجميل، وللنوارس، والمنارات، كما وردة الأضاليا تتفتح بين أحضان الندى، تشرق شمس الحب في قلوبنا، لك يا وطن الشمس الجميل..
لا تبتعد، هنا ضفاف روحك، احترس! الغربة نار، احترس! الغربة رماد وقبض ريح.
بديع صقور