وقـال البحــــــر.. مشرع إحياء «الحرير»!

العـــــدد 9408

الثلاثـــــــاء 20 آب 2019

 

في فترة سابقة من القرن العشرين الماضي كانت سورية ضمن المراتب الخمسة الأولى على الصعيد العالمي في تربية دودة الحرير وإنتاج الحرير الطبيعي، وفي تأمين فرص عمل لعشرات الآلاف من الأسر والمواطنين من خلال هذه الزراعة والصناعة المميزة، وكان للحرير الطبيعي فيها سمعة كبيرة على المستوى العالمي من خلال المنتجات النسيجية التي تعتمد عليه مثل الدامسكو والمقصب والأغباني وغيرها التي اشتهرت بها سورية وخاصة دمشق، لكن رغم ما تقدم وغيره أقدمت الحكومة عام 2005 على إلغاء هذه الزراعة وصناعة الحرير المرتبطة بها وأغلقت شركة الحرير الطبيعي في الدريكيش تحت حجج غير موضوعية كتبنا عنها وقتها وانتقدنا قرارات الإلغاء الارتجالية دون أن نجد آذاناً مصغية من قبل المعنيين!
اليوم ومن خلال البرنامج الحكومي الذي ركز على القطاعات الإنتاجية وخاصة المولدة للدخل في المناطق الريفية كان للحرير الطبيعي اهتمام خاص لما له من رمزية وخصوصية على مستوى سورية كما ذكرنا، حيث بدأت أولى الخطوات عام ٢٠١٦ من خلال تشكيل فريق مشترك بين وزارة الزراعة ووزارة الصناعة لإعداد مشروع وطني لإعادة احياء تربية دودة القز وقد تم الانتهاء من إعداد المشروع في شباط عام ٢٠١٧، وخلال زيارة رئيس مجلس الوزراء لمعمل الحرير في الدريكيش خلال شهر نيسان عام ٢٠١٧ وجه بالبدء بتنفيذ المشروع على ثلاث مراحل تبدأ عام ٢٠١٧وتنتهي عام ٢٠٢٧، المرحلة الأولى تنتهي في عام ٢٠٢٠ وتبدأ بالإنتاج عام ٢٠٢٣ والمشروع يتضمن زراعة ٢٩٧٨ دونماً بـ (٨٩٣) ألف شجرة توت في محافظات طرطوس – اللاذقية – حماة ومجموع الإنتاج المقدر بعد الانتهاء من تنفيذ كامل المشروع تبلغ ٢٦٠طن شرانق تنتج أكثر من ٤٣ طن خيوط حرير تكفي لعمل الشركة على مدار العام لثلاث ورديات متتالية.
ومن خلال متابعتنا للمشروع تبيّن أن وزارة الزراعة باشرت بالعمل حيث تمت زراعة أكثر من ١٢٠ألف شجرة توت في المحافظات المذكورة لغاية تاريخه والحبل على الجرار، كما وجه وزير الصناعة خلال زيارته الأخيرة لمعمل الحرير ومعه محافظ طرطوس بدعم شركة الحرير ودراسة احتياجاتها لإجراء الصيانة اللازمة لآلاتها، لكن بالمقابل ثمة صعوبات عديدة تقف في وجه تنفيذ هذا المشروع الوطني ولا بد من معالجتها منها قدم الآلات التي أشرنا إليها، وسوء نوعية بيوض الحرير المستوردة، ووضع الشرانق غير المقبول، وعدم وضوح الكيفية التي سيتم بموجبها تسويق الإنتاج من المربين . . إلخ.
والسؤال هل ستنجح الحكومة في تذليل هذه الصعوبات وغيرها الكثير، ومن ثم تحقيق النجاح المطلوب في إحياء هذه الزراعة التنموية والتراثية والاقتصادية؟ الجواب العملي متوقف على الإرادة القوية والإدارة الكفؤة وآليات المتابعة الحكومية المجدية.

هيثم يحيى محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار