العدد: 9406
الأحد-18-8-2019
كانت مدينتنا في صبيحة كل عيد، تزهر في ساحتها وعلى شاطئها البحري ثياب الأطفال الملوّنة، وتطيّر ابتساماتهم كفراشات، وتصير الأشجار كراقصات البالية، وهي تظلل بفساتينها الخضر حكاية تنمو لأول مرة بين طفل وطفلة، وتصير النظرات بينهما بصفائها النقي والبريء نقطة ندى.
****
سلاماً أيها العيد، أتيتنا وعلى وجهك الذبول، سلاماً أيها الأطفال الحزينة وجوههم،
سلاماً أيتها الابتسامات التي نامت على مفارق الزمن بانتظار الفرح، سلاماً أيها الشاطئ الذي تعبت زوارقه من رحيل الذكريات والحكايات والأمنيات.
شمس الوطن حزينة . . تكاد تبكي عند قبور شباب ذهبوا إلى الحرب.. منهم من ما زال يمسك ببندقيته يقاتل، ومنهم من عاد بلا عينين أو قدمين، ومنهم من مات شهيداً . .
****
في صباح هذا العيد، وقفت وراء تلك النافذة المفتوحة على الزمن، يطلّ وجه طفلي علاء، يبتسم كملاك صغير، تراقصه الفراشات في حديقة البيت الصغيرة . .
كبر علاء . . أمطر الوطن عشقه في قلبه . . جاء العيد هذا العام، ظل علاء هناك يحمل بندقيته القناصة، وحوله تتحرك زوابع الغبار، والرصاص.
****
ليس ثمة عيد . . أكبر تأثيراً في الروح، وأكثر قداسة . . وأكثر كرامة، وأكثر زهواً . . وأكثر عمقاً في أشعاره وأغنياته وحكاياته وهمسه وفرحه وحزنه ووجعه وصمته وأبجديته من العيد الذي يكتب فيها الرجال بطاقات الحب إلى حبيباتهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأولادهم بحبر الدم والعرق والجهد، وبحلم الأمل بمجيء الانتصار على عربات مذهبة.
****
أيها العيد . . عند شرفاتك المقدسة، نرفع رؤوسنا التي تختزن عشق الحياة،
وقداسة الأوطان . .
نشرب من جرارك خمر الشجاعة والعطاء . .
تعال أيها العيد إلى بيوت أهالي الشهداء والجرحى والمقاتلين والعاشقين الشرفاء للوطن، وازرع على عتباتها همسك: كل عام وأنتم بخير، واشعل شموع الأمل على النوافذ المغلقة، لعلّ القمر يطلع في العيد القادم عليها من جديد ويروي لها حكاية فرح.
سليم عبود