العـــــدد 9403
الثلاثــــاء 6 آب 2019
أوجاع بحرنا الأبيض المتوسط التي تحدثنا عنها في زاوية الأسبوع الماضي، لا تقتصر على هذا البحر بمياهه وثماره ورماله، إنما تطال أيضاً أنهارنا ومياه سدودنا وكل مكونات بيئتنا، والسبب هو خطوط ومجمعات الصرف الصحي الفاشلة، ومشاريع محطات المعالجة المتعثرة أو المتوقفة، وغياب تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة رغم الأموال الضخمة التي أهدرت دون نتيجة، والخطوط والمجمعات التي نفذت منذ سنوات عديدة سبقت الأزمة ثم كسرت واهترت قبل وضعها بالخدمة!
نعم، لقد حولوا أنهارنا التي كنّا نتغنى بها وبجمالها من أنهار للمياه العذبة المنسابة من الينابيع النظيفة في جبالنا الشماء إلى أنهار من مياه الصرف الصحي الملوثة التي تفوح منها الروائح الكريهة، وتصدر عنها الأمراض المختلفة، وكل من يقوم بزيارة لهذه الأنهار يشاهد الكوارث الصحية والبيئية التي صنعناها كجهات حكومية معنية بأيدينا من خلال تحويل مياه الصرف الصحي إلى هذه الأنهار وليس لمحطات معالجة كما يجب، ويلمس لمس اليد الفوضى والإهمال والتأخير والفساد في هذا الملف المزمن!
ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تبعه تحويل بحيرات سدودنا التي كلفت الدولة مبالغ مالية طائلة إلى مستنقعات وبؤر للأمراض ومصدرٍ لتلويث المزروعات التي تروى من هذه السدود حيث فشلت جهاتنا المعنية حتى الآن في تنفيذ وتشغيل أي محطة معالجة تمت دراستها والتعاقد عليها والمباشرة بها لحماية بحيرة سد الباسل قرب صافيتا، وبحيرة سد الصوراني في الشيخ بدر، وبحيرة سد الدريكيش، وبحيرة سد تل حوش قرب تلكلخ، وبحيرة سد خليفة، وبالتالي مازالت كافة مصبات الصرف الصحي الناتجة عن المدن والقرى المحيطة بها تصب في تلك البحيرات اضافة للأنهار الملوثة التي تصب فيها أيضاً!
لقد طرح هذا الواقع عشرات المرات في صحافتنا ووسائل إعلامنا المختلفة، وطرح في كافة الاجتماعات التي عقدتها الوفود الحكومية في طرطوس على مدى السنوات العديدة التي سبقت الأزمة وخلالها، ومع ذلك ما زلنا بعيدين عن تحقيق النتائج المرجوة، وما زالت أوجاع أنهارنا وسدودنا وبيئتنا قائمة وبقوة وَيَا للأسف!؟
هيثم يحيى محمد