العــــــــــــــدد 6398
الثلاثـــــــاء 30 تموز 2019
لا أعرف ولا يعرف أي مهتم أو متابع أو حتى منجم كم من السنوات القادمة سيبقى بحرنا في حالة من الوجع الذي يعانيه منذ عدة عقود مضت بسبب مياه خطوط الصرف الصحي التي تصبّ فيه، وعدم المعرفة هذه ليست لأسباب ذاتية تتعلق بي أو بغيري إنما لأسباب تتعلق بأصحاب القرار المتعاقبين الذين أفلحوا في التصريحات والوعود وفشلوا في التنفيذ والمصداقية!
نعم، لقد فشلوا فشلاً ذريعاً على مدى نحو خمسة عقود مضت في إنجاز المشاريع التي تعاقدت عليها الدولة لحماية هذا البحر – بمياهه وثماره ورماله- من التلوث, وكانوا كلما سألناهم عن مشروع محطة رفع أو ضخ هنا, وعن مشروع محطة معالجة هناك يتهربون تحت حجج مختلفة, أو يجيبوننا بكلام إنشائي معسول يفتقد للدقة والمصداقية وهذا ما أثبتته الأيام والسنون, وأكده واقع هذه المشاريع المتوقفة أو المتعثرة ليس خلال فترة الأزمة والحرب التي نعيشها إنما قبلها بسنوات وسنوات!
الأمثلة معروفة للجميع, وواضحة وضوح الشمس, بدءاً من محطة ضخ مشوار التي مضى على البدء بتنفيذها نحو أربعين عاماً, مروراً بمحطة رفع الغمقة ومحطة ضخ العجمي, وعدة محطات شمال وجنوب طرطوس التي مضى على المباشرة فيها بضعة عقود, وليس انتهاءً بمحطة المعالجة الرئيسية للصرف الصحي بالمدينة التي احتفل بوضع حجر الأساس لها عند مكتب نقل البضائع شمال المدينة بحضور رئيس مجلس الوزراء الأسبق منذ عام 2008 ثم توقفت قبل أن ينفّذ فيها أي شيء يذكر.
لقد أنفقت الدولة المليارات على مشاريع الصرف الصحي الهادفة لإنهاء التلوث عن البحر وتخليصه من الأوجاع المؤلمة, وبسبب عدم استثمارها وفق الدراسات الفنية التي سبقت التعاقد وتركها عرضة للعوامل الجوية, فقد تمّ هدر الكثير من المبالغ المالية التي صرفت عليها سواء في خطوط الضخ من الغمقة ومشوار حتى محطة المعالجة, أو في غيرها الكثير، ولا ندري إن كان مسلسل الهدر سيستمر, إلى جانب مسلسل التأخير والتعطيل والإهمال وعدم المساءلة والمحاسبة البارعين في كتابته وإخراجه وعرضه!
وأختم بالقول إن الكثير مما شهدته وتشهده طرطوس في هذا المجال شهدته وتشهده بقية بلداتنا ومدننا البحرية التي جعلت بحرنا المتوسطي الجميل مصباً لصرفها اللا صحي ثم تركته يئن ويعنّ ويناشد من بيده الحل والربط لإنقاذه دون جدوى حتى تاريخه.. ويا للأسف!
هيثم يحيى محمد