العدد: 9391
الأحد-21-7-2019
كنت على يقين أن صمت شذا يحتاج إلى مشاغبة صغيرة، لينفتح على هذا الكلام المحتبس في روحها، رحت أكتب عبارات لامعنى لها، وكأنني أقتل قلقي على صمتها، كان رأسي مع حزن شذا، شطبت ما كتبته، ثم عدت إلى الكتابة من جديد، ثم محوت، كان تفكيري بصمت شذا يستيقظ وتستيقظ معه عشرات الاحتمالات، خلطت ما أكتبه بعبارات سياسية وعاطفية وبوصف لهذا الصباح البارد، كنت على يقين أنها تقرأ ما أكتبه بطرف عينها، وهذا ما كان يربكني، فتحت صفحتي على آخر منشور كتبته، كان حول تدمير الإرهابيين لكتائب الصواريخ البعيدة المدى حول دمشق.
كتبت في أسفل المنشور (إن المستفيد من هذا التدمير العدو الصهيوني)
كانت التعليقات على المنشور كثيرة، قلة قالوا: (إنها صواريخ النظام) وكتب آخرون إنها صواريخ بعيدة المدى لمواجهة إسرائيل، وليست بنادق لمواجهة المسلحين.
توقفت عند تعليق كتبته (ضحى القرنفل) جاء فيه: (هذا الوطن ينزف منذ زمن، وعندما اعتصرته الحرب تفجر النزيف غزيراً) عادة لا أدخل في حوار على الفيس حول ما أكتبه أو يكتبه الآخرون.
كنت أعرف أن ضحى القرنفل هو لتلك المرأة التي تأتيني بين الحين والحين باسم جديد، كل أسمائها كانت شاعرية، وكل تعليقاتها عاطفية، أحياناً تكتب بالسياسة (علاء نحن من تراب تتمازج فيه ذرات العشق للوطن وللحياة)
توقفت لبعض الوقت عن الكتابة على أمل أن تتكلم شذا لم تتكلم، لمحت نظراتها على المنشور.
كتبت أبو العلاء المعري يغضبه سبي داعش للنساء، وأبو تمام يصرخ بصوت عال (أنتم تمارسون العهر)، يغضب داعشي، ويضرب عنق أبي العلاء المعري، يترنح رأسه على الأرض وينفصل عن الجسد، يدوسونه بأقدامهم، يتأوه رأس المعري، ويصرخ فيهم: (يا أبناء الشيطان)
يقومون بتقطيع مفاصله، تتناثر أعضاؤه على الأرض، الساقان في جهة، واليدان في جهة، وتتناثر أصابع المعري على نار راحت ترتفع وتتحول إلى راية سوداء.
من جديد توقفت عن الكتابة.. كانت أصوات رصاص كثيف على مشارف دمشق من جهة الغرب . . كتبت المتنبي يناقش أسرار قصائده في مجلس سيف الدولة وهو يتهيأ للحرب مع جيش الروم، استمر الرصاص كثيفاً، قلت (من أين جاءتنا هذه الحرب اللعينة؟).
سليم عبود