العـــــدد 9387
الإثنـــــين 15 تموز 2019
توقّفت بغلة على قنطرة فوق ساقية، وامتنعت عن السير، حاولوا جذبها من رسنها، ضربوها بالعصا فلم تتزحزح عن مكانها وكان هناك أناس على طرفي القنطرة يريدون العبور عليها، أحسّوا بالضيق والانزعاج والغضب.
قال أحدهم: دعوني أتدبّر الأمر، تقدّم وأمسك بذيل البغلة وشدّها بقسوة إلى الوراء شعرت أنهم يريدونها أن تتراجع فانطلقت كالسهم إلى الأمام، وأخلت الطريق، وهكذا يتصرف بعضهم، فإنهم يفعلون ما لا يريده الناس منهم، ويمتنعون عن عمل ما يطلبونه منهم.
***
قال أحدهم: هذه علبة فيها علاج ناجع ونافع ضد رفسات البغل، والثمن رخيص تحتوي العلبة خيطاً طوله متران.
يقولون له: لماذا تكذب؟
يقول الرجل لهم: لا، لم أكذب، قفوا بعيداً عن البغل بمقدار طول الخيط فلن تصيبكم رفسات البغال.
***
لقد تمادي أدباء الأطفال في الاعتماد على شخصيات حيوانية في نصوصهم حتى إنهم حوّلوا الكثير من النماذج الموجهة إلى أحبائنا الأطفال إلى حديقة حيوانات، ولكن المشكلة أن الأدباء أسندوا أدوار البطولة للحيوانات دون أن يعرفوا طباعها وأمزجتها ودون الاطلاع على علم نفس الحيوانات وهناك دراسات علمية حول هذا الأمر.
وقد انتبه النقاد إلى هذا ولاحظوا غلبة الشخصيات الحيوانية وتراجع بعض الأدباء عن المبالغة في تقديم هذه الشخصيات ولكن أليس الإنسان حيواناً مفكراً وناطقاً، وعاملاً وضاحكاً؟ ألستم معي في ذلك؟
***
أطلق الناس صفات على الحيوانات فالذئب من الحيوانات الضارية المفترسة وهو كثير الخبث وذو غارات وخداع ومخاتلة أما الثعلب فيضرب المثل به في الاحتيال والخديعة.
وللإنسان طباع وأمزجة تماثل الحيوانات ونتساءل هل تستطيع السلحفاة أن تصبح حمامة وهل يستطيع النمر أن يصبح غزالاً، وهل يتحول الضبع أرنباً وديعاً، وهل يقبل العلم هذه التحولات الغريبة المفاجئة؟ إن شهوة الطيران في النسر تظل حيّة وإن الرغبة في صهيل الحصان تظل حيّة، لم نجد أن سمكة انقلبت إلى نورس أو أن فيلاً صار خروفاً، فكيف يتحول الإنسان في طباعه إلى ذئب وثعلب وضبع، وليت الإنسان يكون مثل النحلة العاملة تحط على الزهرة لتمتص الرحيق أما الذبابة فإذا توقفت على الزهرة فما يهمها إلا الضجيج والطنين.
عزيز نصار