“مابين الواقعية والتجريد”… محاضرة فنية فكرية

الوحدة:23-5-2024

“مابين الواقعية والتجريد”… محاضرة فنية فكرية
للثقافة جذر وفروع، وهي كالشجرة المطعمة بمختلف أنواع الفاكهة الشهية لكل غصن نوع ولكل نوع فرادته.
بتلك الكلمات استهل الفنان والباحث التشكيلي الفينيق حسين صقور رئيس مكتب المعارض والصالات محاضرته بعنوان: مابين الواقعية والتجريد، وذلك وسط حضور مهتم ملأ صالة فرع جمعية العاديات باللاذقية.
في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في المحاضرة من مضامين أغنت البحث المطروح..
بداية أكد الفينيق أن للصراع ولكيل الاتهامات المتبادل ما بين أنصار الواقعية والتجريد أثره ودوره في تحريك عجلة الفن ضمن اتجاهات عدة تتقاطع وتتعاكس وتتوازى وفق مفهوم كل فنان لماهية الفن والغاية منه. وقد أعطى الباحث تشبيهاً توضيحياً لكلا المدرستين كما طبختين إحداهما تتضمن كميات مدروسة لكل أنواع الحبوب والخضار والمنكهات، وهي المدرسة الواقعية، والثانية أي التجريد هي لعبة الطباخ، وقدرته على ابتكار طبخات بطعوم جديدة من بعض ما تتضمنه الطبخة الأولى.
وعن قدرة الفنان الواقعي على رسم عمل تجريدي استكمل قائلاً: هذا مرتبط أولاً بالمسلك أو آلية العمل وخطواته، وقدرة الفنان على فهم تلك الخطوات والتشبع بها حسياً، وثانياً مدى قدرته على استكشاف ذاته في مكان ما للحظات الإنجاز عبر ذاك الإيقاع التراتبي للخطوط والألوان، ثالثاً قدرته على تأكيد الخطوط والخطوات التي يكتشف فيها ذاته والانطلاق منها وتطويرها. أما المسلك وطريقة التعاطي مع الموضوع فهي تختلف من فنان لآخر فمن يعنيهم المنجز النهائي هم أشبه بمن ينسخ ويطبع، هؤلاء يتقنون الخطوات الأكاديمية أو طريقة معلمهم في العمل ولكنهم لا يتجرؤن على القفز فوقها أو التمرد عليها فتبقى آفاقهم مغلقة. أما من تقودهم متعة الخط واللون فسيكون لعملهم قيمة في كل مرحلة من مراحل إنجازه. فإذا كان الموضوع هو القائد يبقى الفنان أسير عمله، ولكنه حين يتسم بالمرونة والتلقائية والعفوية والجرأة يتحرر من فكرة الموضوع، يحلل ويحور ويشكل ويمارس لعبته اللونية التي تشبهه وتحقق فرادته. وأكد الفينيق صقور أن قيمة العمل مرتبطة بقدر ما يحمله من فرادة وبقدرته على عكس شكل الزمان والمكان الذي ولد فيه وأكثر من هذا قدرته على امتلاك الحدس ليكون سابقاً لزمانه، وهنا تكمن قيمة الإبداع، وأن مفهوم الفن وماهيته والغاية منه لم تعد هي النقل الحرفي للواقع وخصوصاً بعد ابتكار آلات التصوير الدقيقة. فإذا لم يستطع الفنان الواقعي أن يقدم ما هو أبعد من الشكل الظاهري وعبر تقنيات غير مسبوقة عالمياً سيبقى مطموراًً. كما أوضح أن العمل التجريدي بحاجة لمتلقي واسع الاطلاع ومواكب لتجربة الفنان وقادر على تلمس مكامن الإبداع والفرادة في تجربته. فامتلاك الحس الفني يمكن المتلقي من تميز العمل الناضج عن غيره. أما ثقافة المتابعة فتمكنه من تحديد مكامن الإبداع في العمل. وتظل قدرة العمل على إدهاش المتلقي بفرادته إضافة لما يعكسه من صدق التعبير وتوازن وجمال ودفء وحب هي من السمات الأساسية في العمل الابداعي. وأكد الفنان صقور أن الفن التشكيلي عبر كل ما يميزه من تنوع في أساليبه واتجاهاته هو انعكاس لغنى وتنوع الثقافات في المجتمعات الإنسانية وتطور الشعوب والمجتمعات يقاس بقدرتها على احتواء هذا التنوع بكل ما فيه، فلكل أسلوب صالاته ومتاحفه ومريديه.
ختم الفينيق محاضرته
بسرد تاريخ الفن مستعرضاً الرسم على جدران الكهوف وأسبابه إلى قيام الحضارات في بقاع جغرافية متعددة مستشهداً بحضارة الفينيقيين وآثار أوغاريت، وانتقل لمدارس الفن وتشكلها كل واحدة على أنقاض سابقتها والمؤثرات منذ بداية عصر النهضة الأوربية وحتى يومنا هذا.

رفيده يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار