وقـال البحــــــر…بين القهقهة والهدير

العـــــدد 9375

27 حزيــران 2019

 

إيران تسقط طائرة تجسس أمريكية اخترقت سيادة أجوائها من طراز (غلوبال هاوك)، هذه الطائرة العملاقة التي تزيد تكلفتها عن مئتي مليون دولار وتستطيع التحليق على ارتفاعات شاهقة تعتبر درة الصناعة الحربية الجوية الأمريكية، مجهزة بأحدث أجهزة التجسس والمراقبة والتشويش ومزودة بنظام دفاعي الكتروني عالي الدقة يؤهلها حسب المُفترَض الأمريكي لتفادي أي صاروخ يستهدفها مهما بلغت درجة تقنيته، لكن الأمر وقع وتم إسقاط الطائرة بصاروخ إيراني الصنع، سقطت عن التاج الأمريكي الدرة وأشعثت على رأس ترامب الغرة فقام وقعد وأرغى وأزبد وهدد وتوعد وهاج وتمخض ولم يستطع حتى ولادة فأر وخرج الإعلام الأمريكي على العالم (بصدقه المعهود) ليقول بأن الرئيس الأمريكي تراجع في اللحظة الأخيرة عن ضربة ساحقة ماحقة ضد إيران واستعاض عنها بعقوبات على الأرصدة البنكية لكبار القادة الإيرانيين في أمريكا!
الرسالة الإيرانية قوية الفحوى بليغة المضمون متماسكة المتن لكن ما يلفت النظر ويشد الانتباه أن دولة (مشرقية) ترزح منذ عقود تحت نير الحصار والعزلة تنتج عقول أبنائها وسواعدهم صواريخَ مجهزة بتقنيات تسقط الدرة وتشعث الغرة بينما يتزاحم الأعراب (للسلام على الراقصة ازدهار) في ورشة المنامة.
الشيء بالشيء يذكر، ويذكرني مشهد إسقاط الطائرة المتطورة بصاروخ فاقها تطوراً بمشهد ولي العهد السعودي جالساً في حضرة ترامب حالب البقرات السمان يعرض عليه صوراً للطائرات التي يتوجب عليه شراؤها، لم يكلف ذو الغرة الشقراء نفسه عناء عرض الصور على شاشة الكترونية تتناسب وتطور الأسلحة المباعة بل فضّل عرض الصور على قطع كرتونية تناسب إدراك التلميذ الغني الكسول المدلل الجالس في حضرته منهياً عرضه لصور أسلحة تساوي المليارات بعبارة: ثمنها بالنسبة لك لا يساوي إلا قروشاً… قروشاً، ردة فعل ولي العهد على هذا الموقف المهين كانت أن ضحك مقهقهاً داخل عباءته المذهّبة.
أي فرق يستطيع المرء إدراكه بين قهقهة محمد بن سلمان داخل عباءته وبين هدير الصاروخ الإيراني يشق عباب الجو ليسقط الدرة ويشعث الغرة، أي فرق تدركه المخيلة بين دافع للمليارات يستجدي رضا قابضها وبين مدافع عن حياض وطنه ذائد عن سيادته، بين قابض على ورق المال يذروه ذات اليمين وذات الشمال وبين قابض على جمر المسؤولية تجاه وطنه وشعبه يفضل ضنك العيش الكريم على سعة الرفاه المهين، بين القهقهة والهدير مسافات شاسعة تكفي لضياع الأوطان وذل الشعوب.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار