العـــــدد 9373
الثلاثــــــاء 25 حزيــران 2019
تطرح شبكة النصب والاحتيال التي وقعت منذ أيام في قبضة الأمن الجنائي بطرطوس الكثير من التساؤلات المتعلقة بعقلية وثقافة وقناعة نسبة غير قليلة من أبناء مجتمعنا، وبآلية وطرق التعيين والتشغيل في جهاتنا العامة، فمن يدفع مبالغ مالية كبيرة لأشخاص من أجل إنجاحه في مسابقة توظيف معلن عنها بغض النظر عن معرفته الدقيقة بهؤلاء وبمدى مصداقيتهم وقدرتهم على تنفيذ وعودهم، وأيضاً بغض النظر عن مخاطر وتداعيات هذا التصرف، إما أنه بسيط جداً أو مغفّل جداً، وإما أن ثقته بإجراءات وآلية عمل المسابقات والاختبارات ولجانها معدومة تماماً، وإما أنه يريد (الوظيفة) في جهة حكومية مهما كان الثمن!
في الحقيقة نستطيع القول أن من يدفع لهذا الشخص أو ذاك مالاً بهذا الشكل ولهذا الغرض هو إنسان مخطئ ولا يتصرف بأخلاق ويساهم ويشارك في الجريمة، ويخالف القانون والأصول مهما كانت دوافعه وحاجته للوظيفة وهو إنسان مرشّح قوي لممارسة الأخطاء والارتكابات وكل حالات الخلل والفساد في المؤسسة التي سيعمل فيها إن دخل اليها بالرشاوى والأتاوات . .
ونستطيع القول أيضاً أن من يأخذ مبالغ مالية من هذا المواطن أو ذاك من أجل تعيينه تحت ضغط الحاجة للوظيفة وغيرها، وبعد ممارسة كل أنواع الاحتيال عليه عبر الادعاء بعلاقاته القوية بالمسؤولين، وبالقدرة على فرض ما يريد عليهم، هو شخص لا يملك من الأخلاق شيئاً، ويخالف القانون والأصول ويرتكب بحق المجتمع والقانون كل الموبقات هو وكل من يتعاون أو يشارك معه في الجريمة ويجب أن تطاله أشد العقوبات . . إلخ.
لكن السؤال أو الأسئلة التي تفرض نفسها في ضوء ما تقدم . . هل كان يمكن لهؤلاء أن يفعلوا ما فعلوه وما قد يفعله غيرهم لو أن بيئة التشغيل والتوظيف لدينا نظيفة؟ ولو أن الآلية المتبعة من الحكومة في إجراء المسابقات والاختبارات صحيحة؟ ولو أننا عالجنا الأسباب التي أدت وتؤدي لحصول التلاعب في الوظائف؟ ولو أننا طبقنا القانون وحاسبنا مرتكبي جرائم النصب والاحتيال الحساب اللازم؟
أترك الجواب لكل صادق وحريص وشريف في هذا الوطن الذي ينتظر منا أن نعيد بناءه على أسس جديدة وصحيحة تعتمد على الاستفادة من دروس الأزمة التي تعرضنا لها والحرب التي شنها الإرهاب وداعميه علينا . . . . فما رأيكم؟
هيثم يحيى محمد