وقـال البحــــــر.. مشـــاهد بحريــــة

العدد: 9372

24-6-2019

 

أتأمل البحر رائع الزرقة وأشم رائحته اللاذعة المالحة، هنا عرفت الحب الأول وانقضت الأحلام تاركة أريج الذكريات تعبر أمامي شقراء باهرة الحسن، يشتعل البريق في عينيها يستلقي الرمل العاشق تحت قدميها.
ماذا تفعل المرأة الجميلة؟ كأنّ الرمال تزهر وتمتلئ بنخيل وأعناب، حورية بحر تفرّ باتجاه البحر، أذكر أيام الصبا المجنون لعلّ صدري يستعيد خفقاته، أسمع خطوات كنسمة عابرة، تدنو امرأة وتمضي كنفخة عبير، وهي تلتفت في كل اتجاه، ربّما تبحث عن معجبين بفتنها ورشاقتها وتلقي بجسدها الرائع في المرج.
***
أتمنى أن ينفصل هذا المكان عن العالم، وأتمنى أن أنسى الماضي والمستقبل، وأظل في الحاضر يتقدم مني صديق بدين أصلع ونتبادل ابتسامات بلهاء، هو فقد زوجته بعد أن أنهكها الهم، أسأله: هل تزوجت مرة أخرى؟
يرتفع صوته الخشن: علينا أن نتابع الحياة: الموت لا يوجع الموتى بل يوجع الأحياء أليس كذلك، وأنت ما أخبارك؟ كيف زوجتك؟
أجيبه: حدث فراق بيننا.
ترتسم علامات حزن مخادعة على وجهه: هل ستختار واحدة من المنتجع أم هناك أماكن أخرى للاختيار أليس كذلك؟
كيف ينصحني هذا الأبله؟ أسأله عن اختياره بعد رحيل الأولى؟
يقول لي مفتخراً: تزوجت صبية وسأربيها كما أشاء وهذا أفضل، أليس كذلك؟
أجيبه باستغراب: ولكن هناك فرق العمر و..و..
تجيء زوجته الجديدة هي صغيرة ورائعة الأنوثة، أردّ تحيتها اللطيفة يلاحظ الزوج نظراتي إليها فيقول: هنا لا أحد يرانا من أهل حيّنا الشعبي أليس كذلك؟
كم يردد هذه العبارة الأخيرة، أقول له: لكل مكان لباسه أليس كذلك؟
يستسلم الرجل ليد زوجته التي تجره وأنا في حالة ذهول . .
***
ليتني كالنورس من شاطئ إلى آخر أسمع ضحكة شدو عندليب، ضحكة فتاة تنتقل كفراشة وتبعث الفرح، لماذا تبدأ حكايات الحب بالسعادة والرجاء وتنتهي بالسأم والكآبة؟
ألمح امرأة أخرى ذات جمال ناعم تضع نظارة غامقة على وجهها لتحمي عينيها من الوهج الخارق، نظارتها تمنحها غموضاً لا أفهم المرأة ولا أستطيع أن أغوص في أعماقها وأكشف أسرارها، الحب رائع في حياة البشر فكيف يجعلونه مشكلة، أتأمل تدرّجات الألوان في الأفق والشمس توشك أن تغيب في البحر، فهل أغرق في بحار الحب بعد أن عرفت خطورة الإبحار؟

عزيز نصار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار