وقـال البحــــــر.. بـــين ناريـــن!

العـــــدد 9368

الثــــــلاثاء 18 حزيــران 2019

 

النتائج التدميرية الناجمة عن الحرب العدوانية التي يتعرض لها وطننا منذ ما يزيد عن ثماني سنوات، أكبر من أن تعّد وتحصى في كافة المجالات، لكن الأكثر مأساوية فيها هو ما يتعلق بالإنسان لجهة الشهداء والمفقودين والمخطوفين والمصابين حيث أن أعدادهم كبيرة ومعاناة ذويهم شديدة لأسباب عديدة أشرنا لبعضها -وتحديداً للمتعلق منها بمعاناة ذوي الشهداء- في كتابات سابقة.
اليوم أشير إلى أمور تتعلق بمعاناة جرحانا الأبطال، وخاصة الشهداء الأحياء منهم، الذين أصيبوا بالشلل التام أو النصفي، أو تم بتر طرف أو أكثر من أطرافهم، أو فقدوا بصرهم، وتتراوح نسب العجز عندهم بين ثمانين ومئة بالمئة، فنسبة غير قليلة من هؤلاء يعيشون معاناة مضاعفة وبأوجه متعددة (صحية- نفسية- اجتماعية-مادية..) يشاركهم بقسم مهم منها أهاليهم الذين يعيشون معهم في نفس البيت.
ونتيجة تلك المعاناة تصدر عن هؤلاء شكاوى تصل لأسماعنا كإعلاميين منهم مباشرة أو من أقرباء وأصدقاء لهم، وأمام ذلك نقوم بزيارتهم للاطلاع على واقعهم بشكل ميداني، وبعد ذلك نجد أن الواجب يفرض علينا الكتابة عن واقع من يعاني منهم أكثر من غيره بسبب التقصير تجاهه أو بسبب آخر بهدف إيصال هذا الواقع لأصحاب القرار ولفاعلي الخير علنا نساهم من خلال ذلك في المعالجة وبالتالي في التخفيف من معاناة هذا الجريح أو ذاك وفي تحسين وضعه من جوانب مختلفة.
بعد الكتابة وتسليط الضوء يعمل أصحاب القرار المعنيين وبعض أهل الخير من أبناء سورية في الداخل والخارج لتقديم العون للجريح (الشهيد الحي) الذي كتبنا عن حالته وفي معظم الحالات التي تناولناها تنقلب الأمور رأساً على عقب إيجاباً لكن بالمقابل هناك من يستغل كتابتنا ويبدأ بالهجوم على الدولة والحكومة متهماً المسؤولين بإهمال من التحق بالجيش أو القوات الرديفة له و ضحى لأجل الوطن . . إلخ.
وهنا نجد أنفسنا بين نارين نار الواقع السيئ لهذا الجريح الذي لا يقبل أحد منا عدم الكتابة عنه ونار استغلال المعارضين ومن يصطادون في الماء العكر لهذه الكتابة ولأن جرحانا يستحقون منا ومن الوطن أن نكون إلى جانبهم في كل الظروف وأن نضحي من أجلهم كما ضحوا من أجلنا وأجل الوطن فإننا نتحمل الأضرار التي تصيبنا من وهج النارين ونعمل مع شرفاء الوطن للحد من آثارهما السلبية علينا وعلى شهدائنا الأحياء وبنفس الوقت نبحث عن آلية جديدة لدعمهم بعيداً عن مساعدة مشعلي النارين في تحقيق أهدافهم غير الوطنية في معظم الحالات.

هيثم يحيى محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار