الوحدة :3-12-2023
ما إن تفتح عينيك للنور كل صباح حتى تحتلك الأسئلة التي لم تعد تبحث عن أجوبة، ومع هذا فهي مستمرة بالهطول أكثر غزارة من كلّ المنخفضات الجوية السابقة، واللاحقة ربما!
كيف تعيش، وأنت تقبض 300 ألف ليرة، أقلّ من سعر 200 كغ حطب قد تحرقها في ليل برد قاتلة!
أجمل ما في الأمر، أنه لم يعد هناك من يسأل، وبالتالي لن يصيبنا (المغص) من الجواب، ولكن في تفاصيل أيامنا ما يزيد وجعنا دهشةً وحيرةً!
المازوت الزراعي مثلاً… رحلة (إهانة) في بعض الأحيان، وكثير من المعاناة في كلّ الأحيان، ونستغرب لماذا لم يُدرج هذا النوع من (العملة النادرة) في نظام الرسائل، فيعرف هذا المزارع إلى أين يتجه، ومتى يذهب، وكيف يتدبّر أمره… المسألة ليست صعبة على ما نعتقد، ولكنها ربما لم تخطر على بال أحد، لأن المزارع نفسه ليس على بال أحد، ويعتقدون أنه يجني أموالاً طائلة، وينسون أن خروجه من تحت لحافه قبل بضعة أيام، أثناء المنخفض الجوي الماضي، معاناة لا يعرفها إلا من يعيشها، وهناك وجدَ الريح وقد عبثت بأشيائه المكلفة جداً…
كيف تعيش، وأنت من محافظة طرطوس مثلاً، وجاء تعيينك وفق فرز المهندسين الأخير في حمص، ويطالبك مديرك هناك بالدوام يومياً، ناسياً أن أجره اليومي هو 10 آلاف ليرة سورية، بينما تكلفة ذهابه إلى دوامه وعودته منه أكثر من 30 ألف ليرة!
ربما لا حاجة للمزيد من الأسئلة، وأي أمل سيبقى مفقوداً طالما أن سعر البيضة أكثر من ألفي ليرة سورية، وطالما أن (الفروج) خرج نهائياً من حسابات 99% من الأسر السورية!
فقط، ما يصلح أن ننهي به هو أن المواطن السوري مازال نابضاً، بالألم، بالمعاناة، بالحياة… المهم أنه مازال نابضاً، ومن قلب العدم يتحايل على واقعه، ويحاول أن يدجّن هذا الواقع بدل أن يحدث العكس.
غانم محمد