رحيل « أبو الجيولوجيا » .. د. فواز الأزكي

العــــــــــــــدد 9356

الثلاثاء 28 أيــــــار2019

 

«إن لم أزد شيئاً على الكون فأنا زيادةٌ عليه» عبارةٌ تستقبل زوّارها في أوّل وأكبر وأهمّ متحفٍ جيولوجيٍّ في سورية والعالم العربي كلّه، للعالم الجيولوجي الدكتور المهندس فوّاز الأزكي، الذي فُجعت الأوساط العلمية والثقافية بخبر وفاته المفاجئ، ونعاه أصدقاؤه ومحبّوه ومريدوه من الطّلاب والزوّار الذين فتح لهم متحفه وقلبه.
الرّاحل ابن قرية قسمين البارّ عرفته دروب وحجارة الوطن والعالم، رحل وفي جعبته الكثير من العطاءات والإنجازات العلمية، شُغف بالأرض وإدراك مكنوناتها وكنوزها وأسرارها، التي أكسبته كنزاً جيولوجياً من عيّناتٍ الصّخور التي ناهز عمرها ملايين السّنين، والفلزات والمعادن والمجسّمات، عرضها للناس عامّة في متحفه المتواضع الذي هو جزء من بيته في قريته التي أحبّ ومن رحمها ولد (قسمين)، بناه من صخورٍ جمعها من المناطق السّورية كافّة، فكان لوحةً فسيفسائيةً ملوّنة، كما جعل سطحه مرصداً فلكياً، وأصبح المتحف قِبلة لآلاف الزوّار والسيّاح وعشّاق الجغرافيا وعلوم الأرض والفلك، تجمّعت الأزمنة بين يديه واختصر العصور في رقعةٍ واحدة، صان كنوز الأرض الغابرة وقلّب لآلئها من أقاصي الجبال إلى آفاق السحاب.
ذاع اسمه وسبقه صيته العالمي مع بصماته الرّاسخة رسوخ الجبال التي ما برحها يوماً.. لديه عشرات المؤلّفات والأبحاث والموسوعات الجيولوجية.. كان مرجعاً هامّاً ومميزاً لذوي الاختصاص وسواهم، وقامةً نفخر بها.
كرّس حياته لخدمة العلم والثقافة والأدب، روّض المستحيل ونحت الصّخر وأنطق الحجر، راهن على الإنسان وطاقاته اللامحدودة، ولئن غيّبه الموت اليوم فإن منابر العلم والعقل ستفتقد ذلك الإنسان والعالم الكبير الذي لن يتكرر.
غاب جسد «أبو الجيولوجيا» كما كان لقبه، لكن خلّف وراءه زاداً من العلم يؤرّخ اسمه وذكره لأجيالٍ وأجيال، سنفتقدك عالماً وصديقاً ومحبّاً لوطنك وترابه الذي تغفو بين أحضانه اليوم.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار