الوحدة: ٢١-٧-٢٠٢٣
الذهاب لا يكون إلا بتحديد المكان الذي تقصده، أو على الأقلّ هكذا اعتدنا، إلا تفاصيل لقمة عيشنا فلا تعرف إلى أين هي ذاهبة!
سنضع كلّ شيء خلف ظهورنا، ولن نحمّل أحداً مسؤولية ما يحدث معنا، فنحن شعبٌ كريمٌ (مسامح)، ولكن نأمل وننتظر، ونرغب أن نصفّق لأي شخص، أي شخص يضع قدماً على طريقة الحلّ، والخروج مما نحن فيه!
متفقون على أنّ الإنتاج هو الحلّ، وندعو الله ليلَ نهارَ أن يقوّي المنتجين الحقيقيين، وأن يسدّد خطاهم، لأنهم إن توقفوا عن الإنتاج فَقَدنا رغيفَنا الذي ما زال يضخّ الدم في عروقنا، ولكن إلى متى سيصمد هؤلاء المنتجون، والمنتجون الزراعيون على وجه التحديد؟
مازال القسم الأكبر منّا يرفض التوجّه إلى الموانئ، أو إلى المراكب التي تحمّل الموتَ قبل الباحثين عن الحياة، ولكن عندما تصحو كلّ يوم على وقع وجعٍ جديد، فلا بد أن تمتلئ حقيبتك آهاً وألماً، فتندم على ما عشته من انتظار وأمل!
هناك ما أكرره دائماً قبل الحديث عن معاناة المزارعين، وهو أنّي لستُ مزارعاً، ولا أحد من أهلي يمتلك مساحة قبر للزراعة، ولكني وسط بيئة زراعية يعاني أهلها الأمرّين، ولا خيار أمامهم سوى الاستمرار في زراعتهم..
أسعار تكاليف الإنتاج الزراعي لم تعد ضمن المتاح حتى لـ (كبار المزارعين)، فما بالك بمن يعيش وأسرة كاملة على دونمين أو ثلاثة، وبذات الوقت لا يستطيع تحمّل تكاليف زراعتها؟
انتبهوا إلى هذه الشريحة، فإن هجرت الأرض سيصل صراخنا إلى قبرص، وإن استمر غياب الدعم الحقيقي عنهم فلن يطول انتظارنا…
من الآن وحتى نهاية تشرين الأول سيدفع المزارع أموالاً كثيرة دون توقّف، وبعملية حسابية بسيطة وغير معقدة، ستصل كلفة كيلو البندورة على الأسعار الرائجة حالياً لمستلزمات الإنتاج إلى أكثر من خمسة آلاف ليرة، فهل ستتوفر له فرصة لبيع إنتاجه بهامش ربح طفيف، وإن توفّر له ذلك هل يستطيع المستهلك أن يدفع هذا الثمن؟
لا حلّ إلا باحتكار بيع مستلزمات الإنتاج من قبل الدولة وبسعر مدعوم جداً، وبمعايير معروفة، وجودة ضامنة للإنتاج، وإلا ستبقى الخسارة قائمة على الجميع: منتجين ومستهلكين.
لا زيادة الرواتب تحلّ المشكلة، ولا التصريحات الـ (ضاربة بيد من حديد) ستغيّر المعادلة، ولن نعود إلى حالة الطمأنينة إلا بدعم الإنتاج، والإنتاج الزراعي على وجه التحديد، وبأقصى سرعة.
غانم محمد