بين الشـط والجبل..وعــادَ الصيـــفُ

العـــــدد 9351

الثلاثـــــــاء 21 أيار2019

 

عاد الصيف . . . وربما عادت معه ذكرياتٌ أَبتْ أن تُرمى من قطار العمر، وظلت هناك عالقة تماماً في منتصف المسافة بيننا وبين الأشياء، وكأننا لم نغادر شمس الظهيرة، وأشجار التوت التي بدت وكأنها تحتضن العصافير القادمة من كل جهات الأرض . . .
وكم تخيلنا -نحن الصغار- أننا مخلوقات بحرية فريدة، وانهمكنا في صنع قلاع الرمل، بنينا وهدمنا، ركضنا فوق شواطئ الفرح وأطلقنا العناوين على منازل وشوارع وأزقة وحدائق لم تكن موجودة إلا في مخيلاتنا الصغيرة . . .
عاد الصيف . . . ابتعدت الشواطئ شيئاً فشيئاً وأصبحت سجينه استثمارات عدة، أصبحنا ننظر إليها من وراء الاسمنت والحديد، ونخشى نظرة «النادل»
إن أطلنا التأمل في روعة البحر لأنه سيقطع تأملاتنا بعبارته المعتادة:
((هَلْ من طلبٍ آخر)) فالدقائق أمام البحر أصبحت معدودة حسب امتلاء الجيوب!
عاد الصيف . . ولم نعد سعداء بلسعة خفيفة لبعوضة عابرة، أصبح البعوض أكثر توحشاً وغرابة، وبحاجة إلى كل الوسائل الدفاعية من مبيداتٍ وأغطيةٍ وأجهزة حتى ننعم بمساء هادئ . .
عاد الصيف . . . وعادت معه أراجيح الطفولة والبالونات الملونة وبائعي البوظة وغزل البنات، وتفاصيل توحي بتوقف سير الفصول حتى ننعم أكثر بمقعد صغير في حديقة عامة تحت ضوء القمر بعيداً عن (الجرذان) التي تقتحم هدوء تلك الأماكن الجميلة، وبعيداً عن ممارسات بشعة لأشخاص لايقيمون اعتباراً لحرمة الأماكن العامة . .
عاد الصيف . . . ونحن نحلم بشوارع أكثر نظافة، وحدائق يلونها الحلم، وموجة بحرية لم تُقيّد أرجلها بسلاسل من حديد، بل على العكس ارتدت فستانها البحري، ووضعت نجمة وراء شعرها وراحت تلملم أصداف الدهشة وتسترق السمع إلى مناجاتنا الساحرة تحت ضوء القمر!!

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار