الوحدة : 12-5-2023
لن نطلب التحدّي مع أحد، بل سنكون كعادتنا (ظرفاء ناعمين) حتى ونحن نجهش بما هو أصعب من البكاء..
في خبرٍ، تراقصت على إيقاعه مواقع التواصل الاجتماعي، انخفاض سعر الفروج في أسواق دمشق من 21500 ليرة إلى 15800 دفعة واحدة، ويُطرّز هذا الخبر بـ (فرح) غير مسبوق، وكأن الزمان عاد بنا 12 سنة إلى الوراء..
القصّة ليست بـ (6000) ليرة في كل كيلو فروج، وإنما لها بقية، ومن هذه البقية، لماذا لم ينزل سعر الفروج في بقية المحافظات، أو على الأقل لماذا تفاوتت نسب هذا الانخفاض، وكأن كل محل فروج يتبع لدولة مختلفة!
التتمة الثانية تقول: هل سعر 15 ألف ليرة لكيلو الفروج يفرحنا بشكل فعليّ، وهل يناسب دخلنا؟
التتمة الثالثة، وحتى لا يبقى الغطاء طامساً للحقيقة، لماذا ترافق انخفاض سعر الفروج بارتفاع أسعار الخضراوات والسمون والزيوت، والحليب ومشتقاته؟
أتذكّر هنا دوريات المجالس البلدية المعززة بقوة تنفيذية عندما تذهب لتنفيذ هدم مخالفة ما، فتحدث بضعة ثقوب في أماكن يسهل إصلاحها لاحقاً، مقابل القبض، والادعاء بتنفيذ القرارات، والكل يعلم بهذه (اللعبة)، حتى من اتخذ قرار الهدم، والذي يعتقد أن مهمته انتهت باستصدار القرار، ولا علاقة له بالمتابعة!
في سياق متصل، وكلّنا مع الإجراءات التي تنشد المصلحة العامة جهراً، ولا تعنيها هذه المصلحة حقيقة، ولكن إذا ما حضرت الدوريات (التموينية أو الجمركية) ووجدت المحلات مغلقة، هل يعني أن هذه المحلات سلمت؟
حقيقة هذا هو الواقع، أما الصح فإن من أغلق محله ارتكب مخالفة إضافية، وهي الامتناع عن تلبية احتياجات الناس، وأفسح المجال لغيره أن يزيد أسعاره، وسنقف ضد كل تاجر يفعل هذا الأمر فيما لو سارت حملات (تنظيف السوق) بضمير ومهنية وأخلاق، أما وقد استمعنا إلى الروايات عن (منشارهم)، فربما نعذرهم بعض الشيء!
الحديث عن (إيجابيات) سيجعلني عرضةً للسباب والشتيمة، وجنون الناس في هذه الأيام هو قمّة العقل والتعقّل النابع من رحم المعاناة، وسأدّعي التفاؤل بقادمات الأيام، وإن بالغتُ في ذلك فليوقظني أحدٌ ما..
لن نزيد، إلا ما ملخصه: يمكن أن نفهم أي شيء إلا تطنيش القرارات الحكومية عن مصلحة المواطن (المعتّر)، ونتمنى على الأقل أن يعطوا لأنفسهم مهلة زمنية لهذا التطنيش، ودمتم بخير!
غانم محمد