مؤسسة ودور غائبان… والنتيجة!

الوحدة : 20-3-2023

لا يحتاج المشهد الذي نعيشه إلى شرح وتوصيف، فكلّ ما فيه بيّنٌ وواضح، إلا لدى من عليه أن يتخذ القرار الصحيح!

في (أزمة البصل) الأخيرة، اكتشفنا كم نحن مخططون فاشلون، وكم نحن أميّون في قراءة الاحتياجات قبل تحوّلها إلى (أزمة)، وكيف ندير الأزمة بعد وقوعها..

قبل بضع سنوات فقط، تحوّل الإنتاج الوفير من الحمضيات إلى عبء على زارعيه وعلى الدولة، فالمزارعون وقعوا في خسارات باهظة، والدولة تحمّلت جزءاً ليس قليلاً من هذه الخسارة، حيث تدخلت لتخفيف المعاناة على الفلاح، وتوزيع الحمضيات مجاناً على المشافي والمدن الجامعية والمحافظات الأخرى.. إلخ.

هذه السنة، ونحن أبناء المنطقة المنتجة للحمضيات لم نشبع الحمضيات، ولم نجرؤ على شرائها إلا قليلاً..

هذه السنة، الموز المستورد بأقلّ من سعر البصل المحلي.. القصة باتت للنسيان، ولا ننفخ على جمرها لتشتعل من جديد، وإنما لندخل إلى ما يجب أن يكون…

نحن بلد زراعي بامتياز، والفلاح السوري امتلك خبرة كبيرة جداً، ولا يعيق إنتاجه إلا سوء تصريفه وتسويقه، وخضوع سوقه لـ (المزاجية) ولتحكّم السماسرة، الذين ينهبون قسماً كبيراً من تعب المزارعين، على حسب تعبير المزارعين أنفسهم، (يتقاضون حتى 9% في بعض مراكز التسويق، ومعظمها غير مرخص، وخارج سوق الهال النظامي)!

الآن، البندورة في سهل عكار من 1000- 1500 ليرة، وهذا السعر بحدود التكلفة وفق مزارعين، وبالتالي، فإن ما يشبه العجز في ميزان الإنتاج الزراعي بالنسبة لهم قادم لا محالة، فيما حافظت في الموسم الماضي على سعرها فوق الـ 2000 ليرة على مدار الموسم!

المعطيات على أرض الواقع، وعن سهل عكار نحصر حديثنا، تقول إن إنتاجاً هائلاً من البطاطا سيتدفق إلى السوق المحلية خلال شهر أو أقلّ، ويتخوّف مزارعون سألناهم من الأسعار القادمة، ويطالبون الجهات المعنية، بتوفير أسواق خارجية لهذا المنتج المكلف جداً، مع الإشارة إلى أن أسعار مبيع البطاطا في سوق الهال حالياً أقلّ من 1500 ليرة، وهو سعر بالكاد يقترب من سعر التكلفة أيضاً!

ما الحلّ؟

العملية الزراعية تسير وفق مزاج المنخرطين فيها، من الزراعة إلى التسويق، مروراً بالتكاليف، وبالأجور، وغير ذلك، وكأنها خارجة عن أي سيطرة، أو لا تعني أحداً!

لماذا لا تكون هناك جهة (متطورة جداً)، ترسم خارطة إنتاج زراعي متكاملة، بحيث يغطي هذا الإنتاج حاجة السوق المحلية من كل الأنواع، وتتكفّل هذه الجهة بتسويق الإنتاج الزراعي محلياً وخارجياً، وبشكل إلزامي، وبما يحقق التوازن الغائب بين المنتج والمستهلك.

المسألة ليست صعبة، لكن يبدو أن اتخاذ القرار هو الصعب…

 

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار