وقال البحــــــر….مـــــاذا لـــو؟

العـــــدد 9343

الخميــــــــس 9 أيار 2019

 

ماذا لو شعر شهريار بالملل من قصة شهرزاد في الليلة الأولى؟ لا بد أن (مسرور) كان سيمارس وظيفته في تصفية شهرزاد لنبقى نحن بلا ألف حكاية!
ماذا لو التهم الذئب ليلى في لحظة لقائه الأول بها؟ لو حدث ذلك لنام ملايين الأطفال دون أن يستمعوا إلى قصة يحفظها كل الآباء فوق البسيطة!
ماذا لو لم يسترعِ الفانوس القديم اهتمام علاء الدين؟ كان سحر الشرق سيفقد أحد أهم أركان الإثارة فيه؟
هو سؤال افتراضي على أحداث هي بالأصل من نسج الخيال بالتالي يتوجب إسقاط هذا السؤال على أحداث حقيقية وقعت بالفعل ليصار إلى تخيل النتائج؟
مثلاً ماذا لو رفض حاتم الطي إطعام ضيوفه الحصان؟ ساعتها كانت شيمة الكرم العربي ستفقد أحد أهم رموزها وما تبع ذلك الرمز من أمثال وحكايات ونوادر.
ماذا لو لم يقتل جساس كليب؟ أي خسارة كانت سيمنى بها الرواة والقصاصون وأصحاب السير والحكواتيون ورواد المقاهي.
ماذا لو لم يحرق طارق بن زياد سفن الأسطول خلف جيشه الفاتح؟ لا بد أننا كنا سنحرم من قصص الأندلس وموشحات الأندلس وأدب الأندلس.
لكن لحظة، لماذا نسقط هذا السؤال على أحداث ماضية وقعت وانتهى وقتها؟ لماذا لا نحاول أن نسقطها على أحداث معاصرة لا زلنا نعيش وقعها وتبعاتها؟
ماذا لو تمرست بعض النخب السياسية في قراءة التاريخ، وعرفت كيف يضع العاقل الأشياء مواضعها فلم تدمن ثقافة التواكل، ولم تستمرأ قلة الحيلة لتطلق العنان لجملتها اللعنة (ليس بالإمكان أفضل مما كان) بينما كان منشار سايكس وبيكو يُعمل التمزيق في جسد أمتنا المريضة.
ماذا لو رفض الحكام العرب في مصر والأردن وفلسطين توقيع معاهدات سلام مع (إسرائيل)، ماذا لو رفض ملوك الخليج أن يكونوا بقراتٍ سمان يحلبها ترامب لتدر عليه مئات المليارات، ماذا لو رفضوا أي مبادرة تطبيعية مع كيان العدو، ماذا لو عادوا إلى لاءات الخرطوم، ماذا لو رفضوا فكرة أن العدو الأول هو إيران، ماذا لو تخلوا عن دعم الحركات والتيارات الطائفية وتسليحها، ماذا لو وقفوا صفاً واحداً خلف المقاومة ونهجها، ماذا لو يستفيق القلم من كتابة الأحلام، ماذا لو ينتهِ المداد عن خطّ الأوهام، السؤال مفترض والتمنيات مفترضة واعتقد أن تحقيقها أصعب من إدخال فيل في ثقب إبرة وبالتالي أرى من الأسهل أن أتخيل نتائج مقتل شهرزاد من الليلة الأولى، والتهام الذئب لليلى في اللقاء الأول، وإضراب جنيّ الفانوس عن الخروج، وافتراض بخل حاتم وصداقة كليب وجساس، لهو أكثر منطقية من فرضية الصحوة العربية.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار