العدد: 9342
8-5-2019
بين الهروب من البطالة ومرارة البحث عن فرصة عمل، يعيش الشباب السوري واقعا أليماً، فبعد اجتيازهم مراحل دراسية عديدة يصلون إلى النقطة الأساسية في حياتهم والتي سيحصدون من خلالها ثمرة جهودهم، فتتحطم أحلامهم على أعتاب انتظار وظيفة تتلاءم مع مستوى تحصيلهم العلمي، ونؤمن لهم دخلاً مادياً تنفرد من خلاله أساريرهم المتجهمة وتدفئ جيوبهم بعد برودة طويلة.
ولكن أمام ضيق الفرص كيف سيواجه الشباب شبح البطالة؟ وما هي خياراتهم وطموحاتهم؟
للإجابة على هذه التساؤلات قصدنا جامعة تشرين نستطلع آراء طلاب بدؤوا مشوار تحصيلهم العلمي بأحلام كبيرة تحفزهم على النجاح وآخرين أنهوا هذا المشوار ووضعوا أحلامهم في ثلاجة الأيام.
* أحمد سعيد (خريج كلية التجارة والاقتصاد) يقول: تخرجت وبدأت رحلة البحث عن عمل، ومع غياب الفرص في القطاع العام قصدت شركات ومصارف خاصة لأتلقى نفس الجواب في كل مرة وهو أنني أفتقر للخبرة ويستطرد: من أين أحصل على الخبرة في غياب برامج التدريب والتأهيل، ويضيف: خجلوا أن يقولوا لا عمل لك بدون واسطة فاشترطوا وجود خبرة لم يحملها كثيرون ممن نالوا الوظائف التي طلبتها.
* راما يونس (طالبة أدب عربي) تقول: لا تتوقف خيبة أمل الشباب على غياب فرص العمل وبرامج التشغيل بل على استغلال هذا الوضع أيضاً، فكثيراً ما يعلن عن مسابقات يتقدم إليها المئات من الشباب ويدفعون الرسوم والطوابع ويملؤون الاستمارات المطلوبة لينقطع بعدها كل خبر عن هذه المسابقات وكأنها لم تكن، وتضيف: درج حديثاً على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ظاهرة جديدة، فترى صفحات تعلن عن حاجة بعض الجهات لكفاءات علمية للعمل بأجور جيدة وبعد التواصل مع القائمين على هذه الصفحات عبر المواقع الالكترونية الخاصة بها والتماس الرد يكون الجواب: عليك الانتظار وتردف: هذه وظائف وهمية لا تغدو عن كونها دعاية لتأمين زوار أكثر لتلك الصفحات وهذا تلاعب سافر بأحلام الشباب واستغلال لظروفهم.
* بدر حمدان (طالب في كلية الهندسة) يقول: أنا أفكر بالهجرة، فأي وظيفة في بلدي لن يحقق لي أجرها شيئاً من أحلامي ويوضح: لا يستطيع راتب الموظف أن يشتري له شيئاً سوى طعامه وشرابه ولكن حين أفكر بالزواج وبناء أسرة وشراء منزل وسيارة ماذا سيقدم هذا الراتب ويضحك قائلاً: أنا أسميه مساعدة إنسانية وليس راتباً.
* باسم شباني (خريج كلية الإعلام) يقول: علقت شهادتي على الحائط بعد أن أصبحت أتسول من أجل الحصول على فرصة عمل وأنا الآن أعمل مع صديق لي في محل للهواتف المحمولة، يصمت للحظات ويردف: يخسر المجتمع أهم شريحة يقع عاتقها مسؤولية البناء والتنمية الأمر الذي يتطلب معالجة سريعة وحقيقية لأن هذه المرحلة التي تسمى زهرة الشباب تحولت إلى كابوس فيرى الشباب أحلامهم تتلاشى أمام هذا الواقع المرير وليس بيدهم حيلة.
* بثينة العلي (طالبة أدب انكليزي) تقول: أعلم أنني حين أتخرج لن أجد الوظيفة تنتظرني إلا أنني لا أرغب أن أصبح ربة منزل لذلك سأبذل جهوداً مضاعفة ورغم أني لا أملك رؤية واضحة لمستقبلي فالأمور تختلف على أرض الواقع عما نحلم به إلا أن هذا لن يحبطني حيث أخطط لدراسة فرع آخر في التعليم المفتوح وتضيف: قد ننتظر وقتاً طويلاً لتحقيق أحلامنا ولكن هذا لا يعني الاستسلام والاحباط فالصبر وتطوير الذات وزيادة الخبرات ستؤدي حتماً للنجاح.
* علا ديب (خريجة فلسفة) تقول: يعيش أغلب الشباب ظروفاً قاسية فبالرغم من حصولهم على مؤهل جامعي يعانون البطالة وهذا الواقع يصبهم بالإحباط وتستطرد: تخرجت لأجد نفسي في المنزل أنتظر المصروف من والدي وأنا اليوم أعتبر هذه الشهادة الجامعية بدون قيمة واقتنعت أن الفتاة مصيرها تربية الأطفال والعناية بأسرتها فقط.
من عمق تجربة ناضجة
تزامن تواجدنا بالجامعة لاستطلاع رأي الشريحة المستهدفة في مادتنا (الشباب) مع محاضرة للإعلامي المعروف حسن م . يوسف ورأيناها فرصة لمعرفة رأيه في مشكلة مجتمعية تؤرق قوة الدفع الأساسية في المجتمع وهي فئة الشباب وحول ذلك قال: الوظيفة حالة فقر مستمر، فعلى الشباب أن يفكروا بطريقة مختلفة، فهم رسالة الحياة للمستقبل وهم صناع التغيير، وأتمنى ألا ينتظروا أن تأتيهم الفرص بل يصنعوها بأنفسهم ويضيف: نحن في مجتمع متقاعس ينتظر من الحكومة أن تقدم الفرص على طبق من فضة لذلك على الشباب تفعيل أفكارهم وإيجاد صيغ تشبههم.
برامج تشغيل غائبة
منذ سنوات أعلنت الحكومة عن برنامج تشغيل للخريجين لمدة خمس سنوات لكنها أقفلت الباب على هذا البرنامج بعد عام من إعلانه واستخدمت خريجين محدودي العدد لمرة واحدة فقط وبالتالي انطفأت شمعة في نفق طويل دخله آلاف الخريجين دون أن يبصروا نوراً في نهايته.
هذا ما أكده مجموعة خريجين التقيناهم طالبوا بإعادة تفعيل برنامج التشغيل وتقديم تسهيلات أخرى كالقروض طويلة الأجل لتمكين الخريجين من تأسيس مشاريع صغيرة ريثما تسقط أسماؤهم من قائمة المنتظرين على الجمر بحثاً عن وظيفة.
ياسمين شعبان