بين الشـط والجبل…هـــو زمــــن رديء

العـــــدد 9341

الثلاثـــــاء 7 أيــــار 2019

 

تعوّدت أن أمضي بهمومي نحو ورد الأصيل، وأروّيها بدمعات الدجى، لذا رأيتني أقطّر خمر الحنين، وأجعل الشمس ترفّ في ألحاني، وحملتُ في يدي باقة من دمع وعبرتُ سهلاً من سنابل راح يسوسن حبّاته..
****
الريحُ العابرة تلبسني قلقها جلباباً راح يكحّل وجهه، ويزيح عنه غبشاً يكاد يخفيه وثمة يمامة ضحى أخذت تكرج قدّام خطواتي برتابةٍ وكأنها تموسق نقلتها على أنغام موسيقا عسكرية. ثم رأيت كيف راحت الدروب تذوب حلاوةً وتغيب في وقع الخطا.
****
هو زمنٌ رديء، يشبه زورقاً يحمل ما شئت من كوابيس مجنّحة وغير مجنّحة، فيه غابت أماني كنّ مبصرات وشمسه رأيتها تنزاح وهي تصدر مواءً مقهوراً، وحتى نجمات لياليه غطاهن النعاس، والغدوات تلظّت في حرارتها.
****
هو زمن رديء. يشتعل فيه الرمل، وتسقه ريح الجنوب، يجلب حزناً أشبه بحزن الصحارى وعيونه بحجم المرارات المبثوثة في رغيف خبزنا.
****
هو زمن رديء، فيه الأرض تشكو أثقالها، وعصافير الفجر ترحل في غابات منفاها وغباره يغشّي أبصارنا.
فيه تنام سعف الضوء مذعورة. بردهُ يقضقض أيامنا، ومطره يسّاقط لاهباً، والأهل ضائعون وراء السراب.
****
هو زمن رديء، ينقّل خطوه على جمر الخطايا، يحمل ركام الماضي ويلقي بتثاؤبه على مدرجة من عراء يجوبها قسراً، ويعشق الظنون والأهواء، ويكفّن ليالينا بسعال الآهات.
****
هو زمن رديء، غيومه تفترش الصباحات، وعيونه تغفو على الدموع أجفانها، وفي غرة يستحمّ الوهم، والجراح العميقة تفقد اصطبارها.
يكنز في بردته صرخات القهر، وتمشي في صباحاته نوافير الاغتراب، ومزامير الطفولة تلغو في الخواء، يزقو ظلامه في سبايا الجهات، وتغرق أضواؤه على شرفات الأرق.

سيف الدين الراعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار