العـــــدد 9341
الثلاثـــــاء 7 أيــــار 2019
أن يتزامن عيد قدّيسينا الشّهداء مع غرّة أيّام الشّهر الفضيل رمضان أعاده الله عليكم بالخير واليُمن والبركة، فتلك فاتحة خيرٍ وسلامٍ وأمان، أنتم قناديله وفوانيسه التي تنير دروب الوطن.
ترتقي أرواحكم الطّاهرة وتسمو لتعانق مجد الكون، فتخجل منكم الشّمس وتأفل لكم النّجوم، ورعاً وتُقىً.
كلّ ذرّة ثَرى عانقت نجيعكم الطّاهر وتخضّبت به واكتست بالأرجوان، ففاح عبق طيْبها بخّوراً ومسكاً..
ناداكم القدر.. حملتم أرواحكم على أكفّكم.. فهابكم الموت وهُزِم، نلْتم منه ولم ينلْ منكم، فأمثالكم يُخلقون ويُبعثون لا يغادرون الحياة أبداً.. مُطأطئً ينحني إجلالاً وإكباراً لعظيم مُلاقاتكم له.. بكم تحيا الأرض والإنسان والأكوان.
تُحاصرنا الأيّام وهي تلد البطل منكم تلوَ البطل، ولم يزَلْ حبل سُرّتها موصولاً بذكركم ووصاياكم.. أرواحكم المقدّسة سُبكت من ذهب الصّمود، وعُتّقت من رياحين التضحية والفداء، فغدت منارات بطولةٍ وثباتٍ وانتصار.
عِفتُم الأرض ومَن عليها، أمّاً وولداً ومالاً ومتاعا.. وناجيتم الأعلى ففزتم بالجنّة، أيّما فوز عظيم! وهل يماثله فوزٌ؟ ففاح مسك دمائكم أرجاء السّماء والأرض وارتقت أرواحكم نجوماً تسكن الأفق وشفَق الخلود.
جراحكم النّازفة لازالت تقطر أريجاً في الأرجاء، أصواتكم الحقّة تعانق أجراس الكنائس ومآذن الجوامع فتزهو شموخاً وعزّاً وفخاراً، أبصاركم شاخصةٌ عالقةٌ على أكتاف المستحيل، أيديكم قابضةٌ على زناد السّحاب.. نغفو نحن، وأنتم تحرسون الأوطان وأرواحكم الطّاهرة تظلّل الأفنان.. هناك على مذبح الوطن تقدّس محراب الشّهادة ونلْتم المنايا والمُنا..
اخلدوا إلى مهاجع الشّرفاء واهنأوا برؤى الخلود.. تبسّموا فأنتم الأعلون.. صناديد الأرض وجنادلها.. تحت نِعالكم سقط جبروت الطُّغاة، وفوق هاماتكم تكلّل جبين الشّمس بأكاليل الغار فغار منه الياسمين والجلنار..
المجد والخلود لذِكركم المؤبّد.. لكم نحني الهامات وبكم تشمخ الرّؤوس ومعكم نرسم حدود الوطن وإليكم نهتدي ونسير.. تقدّس عيدكم وتعظّم اسمكم شهداؤنا الأبرار.
ريم جبيلي