العدد: 9337
23-4-2019
بعد تصريح المسؤول الروسي حول قرب توقيع اتفاقية مع سورية لاستثمار مرفأ طرطوس، وما تبعه من تصريحات وكتابات انفعالية مؤيدة ومعارضة للأمر كان يمكن أن يكون موضوع زاوية اليوم هذه الاتفاقية من حيث المبدأ والأهداف والنتائج المتوقعة، إلا أن عدم صدور أي تصريح رسمي سوري حولها حتى الآن وعدم معرفة تفاصيلها جعلنا نتريث بالأمر حالياً نتجه للحديث عن أزمة المحروقات الخانقة وتبعاتها ونتائجها على المجتمع والدولة.
بداية نشير إلى أن هذه الأزمة تعود لأسباب مختلفة معظمها يتعلق بالحصار الخارجي وبعضها يتعلق بنا كجهات حكومية معنية بالمحروقات إنتاجاً واستثماراً واستيراداً وتوزيعاً وبغض النظر عمن يتحمل مسؤولية هذه الأسباب لابدّ من العمل بكل الطرق والوسائل لمعالجة الأسباب الداخلية منها دون تأخير فهذه بيدنا وليست بيد غيرنا، ولا بد أيضاً من العمل بكل الطرق المتاحة للالتفاف على الأسباب الخارجية وتأمين ما يمكن تأمينه من النفط الخام أو المكرر.. إلخ.
وسبب مطالبتنا بذلك لا تعود للخوف من عدم قدرة السوريين على الصمود في مواجهة الأزمة وتبعاتها، فقد أثبت السوريون الشرفاء أنهم أساتذة في الصمود والصبر، إنما تعود للمنعكسات السلبية الكبيرة، والنتائج والتبعات الخطيرة التي ستنجم عن استمرار الأزمة على حياتنا الخاصة والعامة، وعلى حركتنا ودوران عجلة إنتاجنا وعلى مرحلة إعادة إعمار ما دمره الإرهاب وداعموه في بلدنا وبالمحصلة على الوطن وأبنائه بشكل عام، وبالطبع هذا لا يجوز أن نتركه يحصل مهما كانت الظروف لأن أعداء شعبنا ووطننا يريدون ذلك.
تصوروا ماذا حصل في ساحلنا على سبيل المثال خلال العشرة أيام الماضية فقد أدت أزمة البنزين والمازوت الخانقة إلى تراجع الحركة العامة بشكل لم يسبق له مثيل وإلى التأثير السلبي على قطاعي الإنتاج والخدمات العامة وفِي مقدمتها النظافة، فعلى الرغم من العطلة الطويلة (خمسة أيام)، لم يتوجه معظم العاملين والمواطنين الساكنين في المدن إلى قراهم لزيارة أهلهم وتفقد أراضيهم الزراعية كما هي العادة كل أسبوع وكل عطلة حيث إن قلة البنزين وعدم تمكن معظم أصحاب السيارات الخاصة والعمومية من التعبئة إضافة إلى الكمية القليلة المخصصة للسيارة كل خمسة أيام جعل الجميع تقريباً يبقون في بيوتهم.
وفي مجالس المدن والبلدان والبلديات تراكمت القمامة في الحاويات وما حولها وفِي الأحياء لعدم تمكن معظم البلديات من نقلها ويخشى أن يتفاقم الوضع في الأيام المتبقية من هذا الشهر بعد أن تم حسم خمسين بالمئة من مخصصات المازوت لكل آلية اعتباراً من الثلاثاء الماضي حيث إن المتبقي من المازوت لا يكفي ليومين أو ثلاثة أيام وبعدها سيتوقف العمل ونقل القمامة وسنشهد كارثة بيئية إذا لم يتم معالجة الوضع!
كما أن شركات القطاع العام توقفت بشكل كامل خلال الأيام الخمسة الماضية عن العمل في المشاريع المتعاقد عليها معها وستكون مضطرة للاستمرار في التوقف أو تراجع العمل بنسبة كبيرة إذا استمرت الأزمة..
لن نعددّ أكثر ونكتفي بما تقدم ونؤكّد مجدداً على ضرورة عدم الاستسلام للأزمة والعمل بكل الوسائل الممكنة للخروج منها مع ضرورة إعادة النظر بالكثير من عاداتنا الاستهلاكية وغير الاستهلاكية التي تساهم في جزء منها.
هيثم يحيى محمد