العـــــدد 9332
الخميـــس 11 نيســــان 2019
في زمن اعتصار الطفولة، في زمن غزة المحاصرة، واليمن النازف من الوريد إلى الوريد على يد السياف العربي، في زمن تآخت فيه الشدائد والنوائب لتصب زيتها على ما تبقى من عرب في هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس فأصبحت أمة تخجل من جهلها الأمم . . .
في زمن التقى فيه الشقيق مع العدو تآمراً وخذلاناً -في زمن كهذا- لا نستغرب ما أقدم عليه نظام السيسي في مصر من منع عبور ناقلات النفط إلى سورية.
قالها رئيس الحكومة المهندس عماد خميس جهاراً قبل ثلاثة أيام وللمرة الأولى: منذ ستة أشهر لم يسمح لناقلة نفط واحدة متجهة إلى سورية من عبور قناة السويس ما سبب هذا النقص الكبير في المشتقات ودفعنا إلى حالة تقنين قسرية مبيناً أن ذلك هو أحد أوجه الحصار الاقتصادي المفروض علينا.
نحن السوريين لا نستغرب ذلك فمصر ومنذ أكثر من ثلاثة عقود خرجت من معادلة الصراع العربي – الصهيوني على يد السادات، واليوم ينقلها السيسي كلياً لتكون أداة تنفيذ المخطط الصهيوني للمنطقة عبر دور وظيفي مرسوم مسبقاً فالرئيس المصري هو عراب صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وهو الشريك في ذبح أطفال غزة، وهو من تلقف التعليمات الأمريكية القاضية بفرض الحصار على سورية وشعبها ونراه ينفذها حسب المسطرة الصهيونية.
اليوم يسفر كل الأعراب عن وجوههم وأقنعتهم ونواياهم الخبيثة ويخرجون أدوارهم في التآمر علينا من التخاذل المخفي إلى العلني تحت شعارات جبانة وانهزامية، وتابعنا قبل أيام انعقاد قمة الأعراب وتبيّن للقاصي والداني أنها قمة النائمين المستقيلين من عروبتهم، قمة المال والسلاح الموزعين بسخاء على إرهابيين توافدوا من كل رياح الأرض ونفايات العواصم لإسقاط سورية، وحرق اليمن، وتعميم الهيمنة الصهيونية.
بعد ثماني سنوات من التدمير وإزهاق الأرواح ومحاولة إسقاط أقدم عاصمة في التاريخ (دمشق) يعود الأعراب لرمي كل أوراقهم في المستحيل محاولين تحقيق ما عجزوا عنه بالمال والسلاح والإرهاب ويحاولون هذه المرة استخدام ورقة الضغط والحصار الاقتصاديين تنفيذاً لأوامر العم سام وكرمى لعيون (إسرائيل)، وقد صحوا على ذلك متأخرين، متناسين أن الشعوب الحية الصابرة هي وحدها المؤهلة لتحويل الضائقات إلى انتصارات، والمحطات المحزنة إلى أعراس وأحلام وردية، وأقتبس مما قاله شاعرنا الماغوط:
أيها الأعراب، استحلفكم بما تبقى في هذه الأمة من طفولة وحب وصداقة وأشجار وطيور وسحب وأنهار وفراشات، لقد جربتم الإرهاب سنين طويلة، وها أنتم ترون إلى أين أودى بشعوبكم، جربوا مرة واحدة أن تكونوا عرباً.
إبراهيم شعبان