بين الشـط والجبل…قصـــة وفــاء

العدد: 9327

4-4-2019

 

 

ودعت اللاذقية قبل أيام ثلاثة المربية الفاضلة جاكلين بيطار خطيبة الضابط العربي السوري ابن مدينة اللاذقية الملازم أول جول جمال الذي تلقى علومه في ثانوية التجهيز واليوم تحمل اسمه (ثانوية جول جمال).
لمن لا يعرف الكثير عن سيرة البطل جول جمال الذي استشهد دفاعاً عن مصر وشعبها إبان العدوان الثلاثي عام 1956 نقول: أوفد الشهيد البطل لاتباع دورة بحرية في مصر ومما سجلته الوقائع والأحداث عن سيرة البطل أن قائد الجيش المصري أعلمه أن صد العدوان عن مصر هو من مسؤولية الجيش المصري حصراً لكنه عارض رغبة قائد الجيش وانطلق بطوربيد نحو أضخم بارجة حربية فرنسية تدعى جان بارك وفجر الطوربيد في قلب البارجة ما جعلها تغوص وتستقر في أعماق البحر بمن فيها إلى الأبد.
وعود على بدء فقد بقيت المرحومة جاكلين ثلاثة وستين عاماً وفيّة لروح خطيبها ولم يغادر محبس الخطبة يدها لحين وفاتها قبل ثلاثة أيام، لتسجل قصة وفاء نادر لبطل من أبطال سورية ولتحمل طيلة حياتها حباً لم يعرف الانطفاء أو الموت أو النسيان.
قبل ثلاثة عشر عاماً زرت برفقة وزير الإعلام الأسبق الدكتور محسن بلال المربية جاكلين في منزلها المتواضع قرب مديرية التربية حالياً، استقبلتنا بترحاب وفرح، كنت أجهد نفسي بعض الجهد لأسمع صوتها الخافت، ولألتقط بعض الكلمات الوديعة الهادئة التي تنساب على لسانها فينتشي الحاضرون بحديث البطولة وسيرة البطل.
ومما ذكرته المرحومة جاكلين ولازلت أحتفظ به: سيبقى الشهيد البطل جول جمال يضيء حياتي ويمدها بالنسغ الحي، سيبقى الحافز الصامت الذي يشدني حين أضعف وسيبقى يذكرني أن الحياة خط نختاره ولا يفرضه علينا أحد والشهيد جول جمال اختار لنفسه خط الشهادة فأرتقى مدارج الخلود.
انتهت زيارتنا لخطيبة جول جمال وكلنا على يقين أنها صاحبة قلب ينبض بالبساطة والدفء والحنين. قصة وفاء جاكلين لخطيبها الشهيد تدفعنا للتساؤل المر: كم قصة وفاء مماثلة يمكن الحديث عنها بعد سنوات ثمانية من الحرب الغادرة علينا . .؟ كم خطيبة ودعت خطيبها بالقبل والصلوات وعاد ملفوفاً بعلم سورية التي علّمت العالم أبجدية الوفاء؟ بالتأكيد هناك آلاف القصص آلاف الجراح التي لازالت تنزف . . تنزف حتى الموت وصاحباتها لم يتمنّ لأنهن ممسكات بجذور الوفاء.

ابراهيم شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار